المشركين وسابقة في هذا الدين ما أردنا إلا رضى ربنا.
نبينا والكدح لأنفسنا، فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ولا نبتغي من الدنيا عرضا فإن الله ولي المنة علينا بذلك. ألا إن محمدا من قريش وقومه أحق به وأولى. وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم ".
أنظر إلى الشعور الديني كيف أخذ بأطراف كرم هذا الرجل، متأثرا بدعوة أبي بكر وصاحبه، خارجا على قومه بل على نفسه، وكان بعد ذلك أول مبايع من القوم. ولا أعتقد أن ذلك كله عن نفاسة لسعد كما رماه به الحباب لما مد يده للبيعة فناداه: " يا بشير بن سعد عققت عقاق! ما أحوجك إلى ما صنعت؟ أنفست على ابن عمك الإمارة! ". فقال بشير: " لا والله ولكن كرهت أن أنازع قوما حقا جعله الله لهم ".
بل اعتقد أنه كان صادقا بعض الصدق أو كله فيما ادعاه عن نفسه فإن سير الحادثة كما وصفناه يدل دلالة واضحة على تأثر الجماعة بكلام أبي بكر وانقيادها إلى دعوته ولا سيما بعد ما صدر من الحباب ما يبعد النفوس عن دعوة قومه. نعم!
وإنما كان مبدأ ظهور ذلك التأثير في بشير بن سعد، فيصح أن نجعله ممثلا لشعور قومه تلك الساعة.