النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٦٠
ثم غضبت على إثارة (1) واستقلت غضبا (2) فلاتت خمارها واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها (3) ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله حتى دخلت على أبي بكر، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء. وارتج المجلس، فأمهلتهم حتى إذا سكن نشيجهم، وهدأت فورتهم افتتحت الكلام " بحمد الله عز وجل "، ثم انحدرت في خطبتها (90).
تعظ القوم في أتم خطاب * حكت المصطفى به وحكاها (91) - فخشعت الأبصار، وبخعت النفوس، ولولا السياسة ضاربة يومئذ بجرانها لردت شوارد الأهواء، وقادت حرون الشهوات، ولكنها السياسة توغل في غاياتها لا تلوي على شئ، ومن وقف على خطبتها في ذلك اليوم (5) عرف

(١) إنما يقولون: غضب فلان على إثارة بالفتح إذا كان غضبه مسبوقا بغضب، كغضب الزهراء لإرثها مسبوقا بغضبها لكشف بيتها، وذاك مسبوقا أيضا بما كان في السقيفة (منه قدس).
(٢) إنما يقولون: استقل غضبا إذا أشخصه فرط الغضب، كما أشخص الزهراء من بيتها حتى دخلت على أبي بكر فخطبت محتجة بأشد لهجة (منه قدس).
(٣) أي خادماتها (منه قدس).
(٤) الملاءة الإزار. والريطة ذات لفقين. ونيطت علقت (منه قدس).
(٩٠) من خطبة لسيدة النساء فاطمة الزهراء راجعها في:
بلاغات النساء لابن أبي طيفور المتوفى ٢٨٠ ه‍ ص ١٢ - ١٩، أعلام النساء لعمر كحالة ج ٣ / ١٢٠٨، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٦ / ٢١١ - ٢١٣ و ٢٤٩ - ٢٥٣ ط مصر بتحقيق أبو الفضل، تلخيص الشافي للشيخ الطوسي ج ٣ / ١٣٩.
(٩١) هذا البيت للشيخ كاظم الأزري من قصيدته العصماء في أهل بيت النبوة.
(٥) السلف من بني علي وفاطمة يروي خطبتها في ذلك اليوم لمن بعده ومن بعده رواها لمن بعده، حتى انتهت إلينا يدا عن يد، فنحن الفاطميين نرويها عن آبائنا، وآبائنا يروونها عن آبائهم، وهكذا كانت الحال في جميع الأجيال، إلى زمن الأئمة من أبناء علي وفاطمة، ودونكموها في كتاب الاحتجاج للطبرسي، وفي بحار الأنوار، وقد أخرجها من إثبات الجمهور وأعلامهم أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة وفدك بطرق وأسانيد ينتهي بعضها إلى السيدة زينب بنت علي وفاطمة، وبعضها إلى الإمام أبي جعفر محمد الباقر، وبعضها إلى عبد الله بن الحسن بن الحسن يرفعونها جميعا إلى الزهراء كما في ص 78 من المجلد الرابع من شرح النهج الحميدي، وأخرجها أيضا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني بالإسناد إلى عروة بن الزبير عن عائشة ترفعها إلى الزهراء كما في صفحة 93 من المجلد الرابع من شرح النهج، وأخرجها المرزباني أيضا كما في صفحة 94 من المجلد المذكور بالإسناد إلى أبي الحسين زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده يبلغ فيها فاطمة عليها السلام ونقل ثمة عن زيد أنه قال: رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونها عن آبائهم ويعلمونها أولادهم (منه قدس).
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»