النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٦٣
وقال (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله).
وقال: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).
وقال: (كتاب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين).
ثم قالت: أخصكم الله بآية أخرج بها أبي؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟! أم تقولون: أهل ملتين لا يتوارثان؟!
(الخطبة) (93).
فأنظر كيف احتجت أولا: على توريث الأنبياء بآيتي داود وزكريا الصريحتين بتوريثهما. ولعمري أنها عليها السلام أعلم بمفاد القرآن ممن جاءوا متأخرين عن تنزيله، فصرفوا الإرث هنا إلى وراثة الحكمة والنبوة دون الأموال، تقديما للمجاز على الحقيقة بلا قرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي المتبادر منه بمجرد الإطلاق، وهذا مما لا يجوز، ولو صح هذا التكلف لعارضها به أبو بكر يومئذ أو غيره ممن كان في ذلك الحشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم (1).
على أن هناك قرائن تعين وراثة الأموال كما بيناه سابقا.

(٩٣) تقدمت مصادر الخطبة تحت رقم - ٩٠ - فراجع.
(١) لكنهم لم يعارضوها يومئذ به ولا بشئ سوى المصادرة، إذ أجابها أبو بكر بقوله: يا ابنة رسول الله، والله ما خلق الله خلقا أحب إلى من رسول الله أبيك صلى الله عليه وآله ولوددت أن السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوك صلى الله عليه وآله، ووالله لأن تفتقر عائشة أحب إلي من أن تفتقري أترينني أعطي الأبيض والأحمر حقه وأظلمك حقك؟ وأنت بنت رسول الله! إن هذا المال لم يكن للنبي! وإنما كان مالا من أموال المسلمين! يحمل به النبي الرجال وينفقه في سبيل الله فلما توفى وليته كما كان يليه؟. قالت. والله لا كلمتك أبدا قال: والله لا هجرتك أبدا. قالت: والله لأدعون الله عليك. قال: والله لأدعون الله لك فلما حضرتها الوفاة أوصت أن لا يصلي عليها. الحديث أخرجه أبو بكر الجوهري بهذه الألفاظ في كتاب السقيفة وفدك - كما في ص 80 من المجلد الرابع من شرح النهج الحميدي - وتراه ما عارضها فيما فهمته من التوريث في آيتي داود وزكريا، وإنما عارضها بدعواه أن هذا المال لم يكن للنبي فلم تقنع منه إذ هي أعلم بشؤون أبيها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (منه قدس).
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»