النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٦٤
واحتجت ثانيا: على استحقاقها الإرث من أبيها صلى الله عليه وآله بعموم آيات المواريث وعموم آية الوصية، منكرة عليهم تخصيص العمومات بلا مخصص شرعي من كتاب أو سنة.
وما أشد إنكارها إذ قالت أخصكم الله بآية أخرج بها أبي؟
فنفت بهذا الاستفهام الإنكاري وجود المخصص في الكتاب.
ثم قالت: أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟
فنفت بهذا الاستفهام التوبيخي وجود المخصص في السنة.
بل نفت وجوده مطلقا، إذ لو كان ثمة مخصص لبينه لها النبي والوصي ويستحيل عليهما الجهل به لو كان في الواقع موجودا، ولا يجوز عليهما أن يهملا تبيينه لها لما في ذلك من التفريط في البلاغ، والتسويف في الإنذار، والكتمان للحق، والاغراء بالجهل، والتعريض لطلب الباطل، والتغرير بكرامتها، والتهاون في صونها عن المجادلة والمجابهة والبغضاء والعداوة بغير حق، وكل ذلك محال ممتنع عن الأنبياء وأوصيائهم.
وبالجملة كان كلف النبي صلى الله عليه وآله ببضعته الزهراء وإشفاقه عليها فوق كلف الآباء الرحيمة، وإشفاقهم على أبنائهم البررة، يؤويها إلى الوارف من ظلال رحمته، ويفديها بنفسه (1) مسترسلا إليها بأنسه.

(1) ذكرها صلى الله عليه وآله مرة فقال: فداؤها أبوها فداؤها أبوها - ثلاث مرات - في حديث أخرجه الإمام أحمد بن حنبل ونقله عنه وعن غيره ابن حجر في الأمر الثاني من الأمور التي ذكرها في خاتمة الآية الرابعة عشرة من الآيات التي أوردها في الفصل الأول من الباب الحادي عشر من صواعقه ص 159 (منه قدس).
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»