قال إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) (85).
احتجت الزهراء والأئمة من بنيها بهذه الآية، على أن الأنبياء يورثون المال، وأن الإرث المذكور فيها إنما هو المال لا العلم ولا النبوة، وتبعهم في ذلك أوليائهم من أعلام الإمامية كافة. فقالوا: إن لفظ الميراث في اللغة (86) والشريعة لا يطلق إلا على ما ينتقل من الموروث إلى الوارث كالأموال، ولا يستعمل في غير المال إلا على طريق المجاز والتوسع، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز بغير دلالة (87).
وأيضا فإن زكريا عليه السلام قال في دعائه: (واجعله رب رضيا) أي اجعل يا رب ذلك الولي الذي يرثني مرضيا عندك. ممتثلا لأمرك، ومتى حملنا الإرث على النبوة لم يكن لذلك معنى وكان لغوا عبثا ألا ترى أنه لا يحسن أن يقول أحد: اللهم ابعث لنا نبيا واجعله عاقلا مرضيا في أخلاقه لأنه إذا كان نبيا فقد دخل الرضا وما هو أعظم من الرضا في النبوة.
ويقوي ما قلناه أن زكريا عليه السلام صرح بأنه يخاف بني عمه بعده بقوله: