قال فيما راجعنا به مما يتعلق بهذا الحديث: إن حمل الصحابة على الصحة يستوجب تأويل هذا الحديث - حديث الغدير - متواترا كان أو غير متواتر، ولذا قال أهل السنة لفظ المولى يستعمل في معاني متعددة، ورد بها في القرآن العظيم، فتارة يكون بمعنى الأولى، كقوله تعالى مخاطبا للكفار (مأواكم النار هي مولاكم) أي أولى بكم، وتارة بمعنى الناصر كقوله عز اسمه:
(ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) وبمعنى الوارث كقوله سبحانه: (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) أي ورثة، وبمعنى العصبة نحو قوله عز وجل: (وإني خفت الموالي من ورائي) وبمعنى الصديق: (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا) وكذلك لفظ الولي يجئ بمعنى الأولى بالتصرف، كقولنا: فلان ولي القاصر، وبمعنى الناصر والمحبوب. قالوا: فلعل معنى الحديث، من كنت ناصره، أو صديقه، أو حبيبه، فإن عليا كذلك وهذا المعنى يوافق كرامة السلف الصالح، وإمامة الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم أجمعين.
فقلت له في الجواب: أنا أعلم بأن قلوبكم لا تطمئن بما نقلتموه ونفوسكم لا تركن إليه، وإنكم تقدرون رسول الله صلى الله عليه وآله في حكمته البالغة، وعصمته الواجبة، ونبوته الخاتمة، وأنه سيد الحكماء، وخاتم الأنبياء (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى) فلو سألكم فلاسفة الأغيار عما كان منه يوم غدير خم، فقال: لماذا منع تلك الألوف المؤلفة يومئذ عن المسير؟ وعلى م حبسهم في تلك الرمضاء بهجير؟ وفيم اهتم بإرجاع من تقدم منهم وإلحاق من تأخر؟ ولم أنزلهم جميعا في ذلك العراء على غير كلاء ولا