النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٥٨٥
مفروغ عنه.
وبنزول الآية نزل صلى الله عليه وآله واستنزل من معه عن رواحلهم، فأرسل من استرجع المتقدمين من الحجاج، وانتظر المتأخرين، حتى اجتمع الناس كلهم في صعيد واحد، فصلى بهم فريضة الوقت، وعمل له منبر عال من حدائج الإبل بين دوحتين من سمر ظللوا عليه من الشمس بينهما، فرقي ذروة المنبر وأجلس عليا دونه بمرقاة، ووقف للخطابة عن الله عز وجل في تلك الجماهير فابتدأ ببسم الله والحمد لله، والثناء على الله، والشكر لآلائه، فقال في ذلك ما شاء أن يقول، ثم أهاب بالناس يسمعهم صوته، فقصروا عليه أسماعهم وأفئدتهم صاغين، وإليكم نص بعض المأثور من خطابه يومئذ بعين لفظه:
" أيها الناس يوشك أن أدعى فأجيب (1) وإني مسؤول وإنكم مسؤولون (2) فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجاهدت ونصحت، فجزاك الله خيرا فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنته

(1) إنما نعى إليهم نفسه الزكية تنبيها إلى أن الوقت قد استوجب تبليغ عهده، والأذان بتعيين الخليفة من بعده، وأنه لا يسعه تأخير ذلك مخافة أن يدعى فيجيب قبل أحكام هذه المهمة التي لا مندوحة له عن أحكامها، ولا غنى لأمته عن إتمامها (منه قدس).
(2) لما كان عهده صلى الله عليه وآله إلى أخيه ثقيلا على أهل التنافس والحسد والشحناء والنفاق، أراد صلى الله عليه وآله قبل أن ينادي به أن يتقدم بالاعتذار إليهم تأليفا لقلوبهم. فقال:
وإني مسؤول وإنكم مسؤولون، ليعلموا أنه مأمور به، ومسؤول عن بلاغة، وأنهم مأمورون بالطاعة فيه ومسؤولون عنها، فلا سبيل إلى ترك البلاغ، كما لا مندوحة لهم عن البخوع لأمر الله ورسوله.
وقد أخرج الديلمي وغيره - كما في الصواعق المحرقة وغيرها - عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وآله قال: وقفوهم إنهم مسؤلون عن ولاية علي. (قال): الإمام الواحدي:
أنهم مسؤولون عن ولاية علي وأهل البيت (منه قدس).
(٥٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 578 579 580 581 584 585 586 587 588 589 590 ... » »»