النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٥٨٩
ماء؟ ثم خطبهم عن الله عز وجل في ذلك المكان الذي منه يتفرقون، ليبلغ الشاهد منهم الغائب، وما المقتضي لنعي نفسه إليهم في مستهل خطابه؟ إذ قال:
يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني مسؤول، وإنكم مسؤولون، وأي أمر يسأل النبي صلى الله عليه وآله عن تبليغه؟ وتسأل الأمة عن طاعتها فيه؟ ولماذا سألهم فقال؟ ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وإن محمدا عبده ورسوله، وإن جنته حق وأن ناره حق، وإن الموت حق، وإن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. ولماذا أخذ حينئذ على سبيل الفور بيد علي فرفعها إليه حتى بان بياض إبطيهما؟ فقال " يا أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين "، ولماذا فسر كلمته - وأنا مولى المؤمنين - بقوله وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ ولماذا قال بعد هذا التفسير " فمن كنت مولاه، فهذا مولاه، أو من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله؟ " ولم خصه بهذه الدعوات التي لا يليق لها إلا أئمة الحق، وخلفاء الصدق؟ ولماذا أشهدهم من قبل فقال: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: بلى. فقال: من كنت مولاه، فعلي مولاه، أو من كنت وليه، فعلي وليه، ولماذا قرن العترة بالكتاب، وجعلها قدوة لأولي الألباب إلى يوم الحساب؟ وبم كانت لديه عدل القرآن؟ ولم أخبر أنهما لا يفترقان؟ وفيم بشر بهدي من تمسك بهما، وأنذر بضلال من تخلف عنهما؟ وعلى م هذا الاهتمام العظيم من النبي الحكيم (1)؟ وما المهمة التي

(١) سبحان الله وبحمده، ما أعجب نتيجة هذا الاهتمام العظيم، بينا يبوئ النبي عليا والأئمة من عترته منزلة القرآن، ويجعلهم عدله في الميزان فيحق لهم الأمر والنهي والقول الفصل، والحكم العدل، وتكون الناس تبعا لهم؟ فإذا هم من سوقة تيم وعدي وآل أبي العاص وأضرابهم، وليس لهم من أمر الأمة شئ!! لا يعرج عليهم في فروع من الدين، ولا في أصول منه، ولا في آية أو في رواية!! والمرجع في كل ذلك سواهم وليتهم مع ذلك لم يكونوا بين ضحايا وسبايا، ولم يوقفوهم على درج الجامع في دمشق والمسلمون بمنظر وبمسمع لا منكر منهم ولا متفجع (منه قدس).
(٥٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 584 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 ... » »»