في ذلك الهجير، ويليق بأقواله وأفعاله يوم الغدير، إنما هو تبليغ عهده، وتعيين القائم مقامه من بعده، والقرائن القطعية، والأدلة العقلية، توجبان القطع الثابت الجازم بأنه صلى الله عليه وآله ما أراد يومئذ إلا تعيين علي واليا لعهده وقائما مقامه من بعده. فالحديث مع ما قد حف به من القرائن، نص جلي، في خلافة علي، لا يقبل التأويل، وليس إلى صرفه عن هذا المعنى من سبيل، وهذا واضح والحمد لله (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
على أن هذا الحديث لم يسلم من الاختصار بحذف شئ من نصوصه قطعا لأن القوة الفعالة والأكثرية الساحقة يومئذ إنما كانتا في جانب المعارضين الحول القلب، ولهم كانت الغلبة وعاقبة السلطة، ومع ذلك فإن الشذرة الباقية من شذور الحديث كافية وافية والحمد لله، والعجب كل العجب من بقائها، وإنما بقيت (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) (ولله الحجة البالغة على الناس).
أما نحن الإمامية فقد تواتر لدينا من طريق الإمام أبي عبد الله الصادق عن آبائه الميامين عليهم السلام عن جدهم صلى الله عليه وآله أنه نص على علي يوم الغدير بالخلافة عنه صلى الله عليه وآله نصا صريحا بكل جلاء، وأنه أمر أصحابه يومئذ بأن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين، وأن البعض منهم سلم ولم يقل شيئا. والبعض إنما سلم بعد أن قال للنبي صلى الله عليه وآله: أعن الله ورسوله ذلك يا رسول الله؟. فقال صلى الله عليه وآله نعم إنما هو عن الله ورسوله (927). فصرح الحق يومئذ عن محضه. وأسفر