النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٥٧٨
الأنبياء من قبله مبشرا ونذيرا، فكان مما قاله لهم يومئذ: " أيها الناس إني يوشك أن أدعى فأجيب، وأني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (920).
وكم له من موقف قبل هذا وبعده - كما سمعت - ربط فيه الأمة بحبليه وعصمها في كل خلف منها بثقليه (كتاب الله والأئمة من عترته) يبشرها بالبقاء على الهدى أن أخذت بهديهما وينذرها الضلال أن لم تتمسك بهما ويخبرها أنهما لن يفترقا ولن تخلو الأرض منهما.
لكن مواقفه تلك في هذا المعنى لم تكن عامة، أما موقفه هذا يوم عرفات والذي بعده يوم الغدير فقد كانا على رؤوس الأشهاد (1) من الأمة عامة (921).

(٩٢٠) تقدم حديث الثقلين تحت رقم (١١ و ١٥).
(١) قال ابن حجر إذ أورد حديث الثقلين في صواعقه: ثم اعلم أن لحديث التمسك بهما طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا (قال): ومر له طرق مبسوطة في حادي عشر الشبه. وفي بعض تلك الطرق أنه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة. وفي أخرى أنه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه. وفي أخرى أنه قال ذلك بغدير خم. وفي أخرى أنه قال ذلك لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف. (قال):
ولا تنافي إذ لا مانع من أنه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن كلها وغيرها اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة.. إلى آخر كلامه فراجعه في ص ٨٩ في تفسير الآية الرابعة (وقفوهم إنهم مسؤلون) من الآيات التي ذكرناها في الفصل الأول من الباب ١١ من الصواعق.
قلت: يعترف الرجل بأن النبي صدع بحديث الثقلين في هذه المواقف كلها وفي غيرها، ثم يقول: إن طرقه وردت عن نيف وعشرين صحابيا، مع أنه لو لم يصدع صلى الله عليه وآله إلا في أحد موقفيه أما عرفة أو الغدير لوجب أن يكون متواترا، لأن الذين حملوه عن رسول الله في كل من اليومين كانوا تسعون ألفا على أقل الروايات (منه قدس).
(٩٢١) حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة والذي رواه أكثر من خمس وثلاثين صحابيا وأكثر من مائتي عالم من علماء أهل السنة راجع:
كتاب عبقات الأنوار (قسم حديث الثقلين ج ١ و ج ٢) ط قم. وقد ذكر تواتر الحديث ج ١ / ١١. وراجع أيضا: سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (28 و 29 و 30 و 31 و 32 - 37) ط بيروت.
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 584 585 ... » »»