النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ١٧٧
فأخذاه وأدخلاه فسطاطا وكفا أباه عنه. ثم قال سهيل: يا محمد قد تمت القضية ووجبت بيني وبينك قبل أن يأتي ابني إليك. قال: صدقت. وحينئذ قال صلى الله عليه وآله لأبي جندل. اصبر واحتسب فقد تم الصلح قبل أن تأتي، ونحن لا نغدر وقد تلطفنا بأبيك فأبى، وأن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا.
وهنا وثب عمر بن الخطاب إلى أبي جندل يغريه بقتل أبيه، ويدني إليه السيف. قال عمر - كما في السيرة الدحلانية وغيرها -. رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه وجعل يقول له: أن الرجل يقتل أباه، والله لو أدركنا آباءنا لقتلناهم، لكن أبا جندل لم يجبه إلى قتل أبيه خشية الفتنة (1) وعملا بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وآله من الصبر والاحتساب (2) وقال لعمر. مالك لا تقتله أنت؟ قال عمر. نهانا رسول الله عن قتله وقتل غيره (3) فقال أبو جندل. ما أنت أحق بطاعة رسول الله مني (4).
ورجع مع أبيه إلى مكة في جوار مكرز وحويطب فأدخلاه مكانا وكفا

(1) إذ لو قتل يومئذ سهيل لكان بين قريش والمسلمين فتنة تجتاحهما جميعا ويكون شرها مستطيرا فالحمد لله على العافية (منه قدس).
(2) لا يخفى ما في إغراء أبي جندل بقتل أبيه من المعارضة لرسول الله صلى الله عليه وآله في أمره إياه بالصبر والاحتساب (منه قدس).
(3) لا يخفى ما في إغراء أبي جندل بقتل أبيه من معارضة رسول الله صلى الله عليه وآله في نهيه إياهم عن قتل سهيل وغيره، فهنا معارضتان لرسول الله صلى الله عليه وآله إحداهما في أمره، والثانية في نهيه (منه قدس).
(4) ولأبي جندل هذا أخ هو عبد الله بن سهيل بن عمر، كان إسلامه سابقا على إسلام شقيقه أبي جندل، لأن عبد الله خرج مع المشركين إلى بدر، وكان قبل ذلك مسلما لكنه كتم إسلامه حتى أتى بدرا فانحاز فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وشهد معه بدرا والمشاهد كلها، أما أبو جندل فأول مشاهده الفتح (منه قدس).
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»