مكفوفة: " أي صدور منطوية على ما فيها لا تبدي عداوة " وأنه لا إسلال ولا إغلال (أي لا سرقة ولا خيانة) وأنه من أتى محمدا من قريش ممن هو على دين محمد بغير إذن وليه رد إليه، ومن أتى قريشا ممن كان مع محمد فارتد عن الإسلام لا ترده قريش إليه، فقال المسلمون: سبحان الله كيف نرد للمشركين من جاءنا منهم مسلما؟! وعظم عليهم هذا الشرط، فقالوا: يا رسول الله أتكتب هذا على نفسك؟! قال: نعم انه من ذهب منا مرتدا أبعده الله، ومن جاءنا مسلما فرددناه إليهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا.
فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله هو وسهيل بن عمرو يكتبان الكتاب بالشروط المذكورة إذ جاء أبو جندل - واسمه العاص - بن سهيل بن عمرو إلى المسلمين يرسف في قيوده، وكان أسلم بمكة قبل ذلك، فمنعه أبوه من الهجرة وحبسه موثوقا، وحين سمع أن النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه في الحديبية احتال حتى خرج من السجن، وتنكب الطريق في الجبال حتى هبط على المسلمين ففرحوا به وتلقوه، لكن أخذه أبوة بتلابيبه يضرب وجهه ضربا شديدا (1) وهو يقول:
يا محمد هذا أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: إنا حتى الآن لم نفرغ من كتابة الكتاب.
قال سهيل: إذن لا أصالحك على شئ.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: فأجره لي.
قال: ما أنا بمجيره لك. قال: بلى فافعل. قال: ما أنا بفاعل. فقال مكرز بن حفص وحويطب بن عبد العزى وهما من وجوه قريش. قد أجرناه لك يا محمد