النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ١٦٦
فصلى رسول الله فريضة العصر بأصحابه صلاة الخوف المشروعة بهذه الآيات (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا) (1).
[شراسة قريش وحكمة النبي صلى الله عليه وآله] لقي رسول الله صلى الله عليه وآله في الحديبية حين أتاها أذى كثيرا من المشركين، وغلظة وجفاء ومكاشفة له ولأصحابه في العداوة والبغضاء، ولقي المشركون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله مثل ذلك وأشد عملا منهم رضي الله عنهم بقوله تعالى: (وليجدوا فيكم غلظة)، لكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسع المشركين بحلمه الموحي يومئذ إليه من ربه عز وعلا بحكمته التي فطر عليها، وبخلقه العظيم الذي فضله الله به على سائر النبيين والمرسلين عليه وآله وعليهم السلام.
صده المشركون عن مكة صدا شكسا شرسا لئيما، فما استخفه بذلك غضب، ولا روع حلمه رائع، كان يأخذ الأمور - مع أولئك الجفاة - بالملاينة والإغماض، وله في شأنهم كلمات متواضعة، على أن فيها من الرفعة والعلاء ما يريهم إياه فوق الثري، ويريهم أنفسهم تحت الثرى، وفيها من النضج لهم و الاشفاق عليهم ما لم يكن فيه ريب لأحد منهم، ومن الحكمة الإلهية ما يأخذ بمجامع قلوبهم - على قسوتها وغلظتها - باجتياحهم إليه، ومن الوعيد والتهديد باستئصال جذرتهم وبذرتهم ما يقطع نياط قلوبهم (222).

(١) سورة الأحزاب / ٢٥.
(٢٢٢) سياسة الرسول صلى الله عليه وآله مع قريش:
راجع: السيرة الحلبية ج ٢ / ٦٩٢ و ٦٩٣ - ٦٩٧ و ٦٩٩، السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ / ٣١٥ و ٣١٦ و ٣١٧، الكامل في التاريخ ج ٢ / 136 ط دار الكتاب العربي، الطبقات لابن سعد ج 2 / 96.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»