النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ١٧٠
وأصحابه وأدخلهم حيطان مكة، وعن ابن عباس أظهر الله المسلمين عليهم بالحجارة حتى أدخلوه البيوت، وعلموا أنهم لا قبل لهم بمحمد صلى الله عليه وآله و أصحابه. (1) فاضطر حينئذ أهل الرأي والمشورة منهم إلى طلب الصلح من رسول الله وكان قد بلغهم قوله: " والذي نفس محمد بيده لا تدعوني اليوم قريش إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها " فأرسلوا إليه عدة من كبارهم كان على رأسهم سهيل بن عمرو بن عبد ود العامري يمثلهم جميعا لدى رسول الله صلى الله عليه وآله في طلب المهادنة على شروط اشترطوها كانت ثقيلة على المسلمين إلى الغاية، فأبوها كل الآباء، وأسرف بعضهم في إنكارها. لكن المشركين تشبثوا في اشتراطها بإطلاق الخطة التي وعد رسول الله صلى الله عليه وآله بإعطائهم إياها متى دعوه إلى ذلك، وكان صلى الله عليه وآله مأمورا بهذا الوعد، وبالعمل على مقتضاه وإنما قبل شروطهم على ما فيها من الشدة عملا بالوحي، وبما توجبه المصلحة التي كان الله عز وجل بها عليما، وقد علمها الجميع بعد ذلك واعترفوا بها (227)، ستسمعه إن شاء الله تعالى.
[أنفة عمر من شروط الصلح] وما أن تقرر الصلح بين الفريقين على تلك الشروط حتى وثب عمر بن الخطاب وقد أدركته الحمية، ونزت في رأسه سورة الآنفة فأتى أبا بكر وقد استشاط غيظا وغضبا. فقال (2): " يا أبا بكر أليس هو برسول الله؟. قال: بلى

(١) الكشاف للزمخشري ج ٣ / ٥٤٧.
(٢٢٧) السيرة الحلبية ج ٢ / 705 - 706.
(2) كما في السيرة الحلبية وغيرها من كتب الأخبار (منه قدس).
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»