عن الفهم، وما كان ليخفى عليه من هذا الحديث ما ظهر لجميع الناس، لأن القروي والبدوي إنما فهما منه أن ذلك الكتاب لو كتب لكان علة تامة في حفظ كل فرد من الضلال، وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث إلى إفهام الناس.
وعمر كان يعلم أن الرسول صلى الله عليه وآله لم يكن خائفا على أمته أن تجتمع على الضلال، إذ كان يسمع قوله صلى الله عليه وآله: لا تجتمع أمتي على الضلال، ولا تجتمع على الخطأ، وقوله: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق. (الحديث) (218).
وقوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا) (219) إلى كثير من نصوص الكتاب والسنة الصريحة بأن الأمة لا تجتمع بأسرها على الضلال، فلا يعقل مع هذا أن يسنح في خاطر عمر أو غيره أن النبي صلى الله عليه وآله حين طلب الدواة والبياض كان خائفا من اجتماع أمته على الضلال.
والذي يليق بعمر أن يفهم من الحديث ما يتبادر منه الأذهان، لا ما تنفيه صحاح السنة ومحكمات القرآن، على أن استياء النبي صلى الله عليه وآله منهم المستفاد من قوله: " قوموا " دليل على أن الذي تركوه كان من الواجب عليهم، ولو كانت معارضة عمر عن اشتباه منه في فهم الحديث كما زعموا، لا زال النبي