أوحى إليه ربه عز وعلا. وكانت المصلحة في الواقع ونفس الأمر توجبه، لكنها خفيت على أصحابه فأنكره بعضهم عليه، وعارضه فيه علانية بكل مالديه من قول، فلم يعبأ صلى الله عليه وآله بمعارضتهم ومضى قدما في تنفيذ ما كان مأمورا به، فكانت عاقبته من أحسن عواقب الفاتحين والحمد لله رب العالمين.
[بيان هذه الحقيقة بشئ من التفصيل] خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة يوم الاثنين مستهل ذي القعدة سنة 6 للهجرة يريد العمرة، وكان يخشى من قريش أن يتعرضوا له بحرب، أو يصدوه عن البيت - كما فعلوا - فاستنفر الناس إلى العمرة معه، فلباه من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الأعراب ألف وأربعمائة رجل (1) فيهم مئتا فارس، وساق معه الهدي سبعين بدنة، ولم يخرج بسلاح إلا سلاح المسافر - السيوف في القرب - (2) فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأحرم هو وأصحابه منها، ليأمن الناس حربه، وليعلموا أنه إنما خرج زائرا، ومعظما له.
ثم سار حتى إذا كان في بعض الطريق علم صلى الله عليه وآله أن خالد بن الوليد في