النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ١٦٤
أوحى إليه ربه عز وعلا. وكانت المصلحة في الواقع ونفس الأمر توجبه، لكنها خفيت على أصحابه فأنكره بعضهم عليه، وعارضه فيه علانية بكل مالديه من قول، فلم يعبأ صلى الله عليه وآله بمعارضتهم ومضى قدما في تنفيذ ما كان مأمورا به، فكانت عاقبته من أحسن عواقب الفاتحين والحمد لله رب العالمين.
[بيان هذه الحقيقة بشئ من التفصيل] خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة يوم الاثنين مستهل ذي القعدة سنة 6 للهجرة يريد العمرة، وكان يخشى من قريش أن يتعرضوا له بحرب، أو يصدوه عن البيت - كما فعلوا - فاستنفر الناس إلى العمرة معه، فلباه من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الأعراب ألف وأربعمائة رجل (1) فيهم مئتا فارس، وساق معه الهدي سبعين بدنة، ولم يخرج بسلاح إلا سلاح المسافر - السيوف في القرب - (2) فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأحرم هو وأصحابه منها، ليأمن الناس حربه، وليعلموا أنه إنما خرج زائرا، ومعظما له.
ثم سار حتى إذا كان في بعض الطريق علم صلى الله عليه وآله أن خالد بن الوليد في

(1) وقيل أكثر من ذلك، وقيل أقل منه، وأخرج معه أم المؤمنين زوجته السيدة أم سلمة رضي الله عنها، وتخلف عنه كثير من الأعراب منافقون ذمهم الله تعالى في سورة الفتح المنزلة في هذه الواقعة بعد انتهائها (وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا).
وكان ممن خرج معه المغيرة بن شعبة وابن سلول وبايعاه مع من بايعه في الحديبية تحت الشجرة (منه قدس).
(2) فقال له عمر بن الخطاب: أتخشى يا رسول الله أبا سفيان وأصحابه ولم تأخذ للحرب عدتها؟ فقال صلى الله عليه وآله: " لا أحمل السلاح معتمرا " (منه قدس).
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»