النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ١١٩
لئلا يظن أحد بأنهم معسكرون (169).
[زحف خالد إلى البطاح] لما فرغ خالد من أسد وغطفان أزمع على المسير إلى البطاح يلقي فيها مالك بن نويرة وقومه، وكان مالك أخلى له البطاح، وفرق قومه لما بيناه من عزمه على السلام احتياطا منه على الإسلام في تلك الأيام. فلما عرف الأنصار عزم خالد على المسير إلى مالك، توقفوا عن المسير معه وقالوا: " ما هذا بعهد الخليفة إلينا إنما عهده أن نحن فرغنا من البزاخة واستبرأنا بلاد القوم أن نقيم حتى يكتب إلينا ".
فأجابهم خالد: " أنه إن لم يكن عهد إليكم بهذا فقد عهد إلي أن أمضي وأنا الأمير وإلي تنتهي الأخبار، ولو أنه لم يأتني كتاب ولا أمر، ثم رأيت فرصة أن أعلمته بها فاتتني لم أعلمه حتى انتهزها، وكذلك إذا ابتلينا بأمر لم يعهد لنا فيه لم ندع أن نرى أفضل ما يحضرنا ثم نعمل به، وهذا مالك بن نويرة بحيالنا وأنا قاصد له بمن معي (1) " ثم سار ومن معه يقصد البطاح،

(169) نص على ذلك كله الأستاذ هيكل في كتابه " الصديق أبو بكر " فراجع منه ما هو تحت عنوان مالك ينصح لقومه ص 144. وقال الأستاذ العقاد في عبقرية خالد سطر 14 ص 121 حيث ذكر موقف مالك: أنه ليس موقف عناد وتحفز لقتال. لكن العقاد أخطأ في أبيات لمالك إذ حملها على غير معناها المتبادر منها إلى الأذهان كما لا يخفى على من أمعن بها (منه قدس).
وراجع: الغدير للأميني ج 7 / 158 - 168، عبد الله بن سبأ للعسكري ج 1 / 145 - 149.
(1) ذكر هذه المحاورة (بألفاظها) بينه وبين من كان في جيشه من الأنصار كل من هيكل في كتابه " الصديق أبو بكر " ص 143 والتي بعدها، والعقاد في آخر ص 267 من عبقرية عمر وغيرهما من أهل الأخبار وقد استفاضت بينهم فلتراجع.
وترى كلام الأنصاري في هذه المحاورة صريحا بأن الخليفة لم يعهد إليهم بالزحف على مالك، لكن خالدا أدعى العهد من الخليفة إليه خاصة وبناءا على هذا فالخليفة قد استعمل اللياقة والحيلة في أن لا يكون مسؤولا من الناس عن جرائم يوم البطاح، وإنما يكون المسؤول عنها خالدا وحينئذ يحفظه معتذرا بأنه تأول فأخطأ، وهذه الواقعة تدل على تعمقه في السياسة إلى أبعد حد (منه قدس).
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»