وكان خالد قد أمر بحبس تلك السراة الأسرى من قوم مالك، فحبسوا والبرد شديد فنادى مناديه في ليلة مظلمة أن أدفئوا أسراكم وهي في لغة كنانة كناية عن القتل فقتلوهم بأجمعهم.
وكان قد عهد إلى الجلادين من جنده، أن يقتلوهم عند سماعهم هذا النداء، وتلك حيلة منه توصل بها إلى أن لا يكون مسؤولا عن هذه الجناية، لكنها لم تخف على أبي قتادة وأمثاله من أهل البصائر وإنما خفيت على رعاع الناس وسوادهم بقوة الساسة والسياسة.
هذه هي الحقيقة الواقعة بين خالد ومالك وقومه يلمسها من ممحصي الحقائق كل من أمعن فيما سجلته كتب السير والأخبار عن يوم البطاح وسائر ما إليه.
فلا يصدنك عنها ما تجده هناك من أقوال أخر متناقضة كل التناقض نسجتها الأغراض الشخصية والتزلف إلى ولي الأمر يومئذ والقائد العام لجيوشه تصحيحا لأعمالهم (174).
وقد أعطينا الامعان فيها حقه، فلم نر منها إلا الدلالة على تضييع الحقيقة إخلاصا في الحب لخالد والدفاع عنه والله على ما يقول وكيل.
[ثورة أبي قتادة وعمر بن الخطاب] قال الأستاذ هيكل في كتابه " الصديق أبو بكر (1) ": إن أبا قتادة الأنصاري