عبادة على أمره فاعتزلهم واعتزل أمرهم يحلف بالله أنه لو وجد أعوانا عليهم لقاتلهم ثم لم تجمعه جمعتهم ولم يفض بإفاضتهم حتى مات في حوران (167).
إلى كوارث أخر حول البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه أعني البيوت التي قال الله عز وجل في حقها: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي حتى يؤذن لكم) (168) وحول وديعة رسول الله وزهرائه وحول إرثها ونحلتها وخمسها ومجابهتها إياهم بكل حجة بالغة إلى غير ذلك من الأمور التي أنذر بها القرآن الحكيم.
فكان من الطبيعي لمثل مالك في عقله ونبله ومكانته في قومه أن يتربص - والحال هذه - في النزول على حكم من يظهر في المدينة ويقهر خصومه على الخلافة حتى يتبين له أنه إنما قهرهم بالحق وظهر عليهم باجتماعهم عليه بعد ذلك التنازع، وبهذا لا بسواه تريث مالك في دفع الزكاة باحثا عمن تبرأ ذمته بدفعها إليه. فكان عليهم أن يمهلوه مدة تسع البحث عن هذه الحقيقة الغامضة في تلك الأوقات ولا يعاجلوه مفاجئيه بتلك النكبات فإنه لم يكن ممن أنكر الزكاة ولا ممن فرق بينها وبين الصلاة ولا ممن استحل قتال أبي بكر أو غيره من المسلمين.
هذه هي الحقيقة في موقف مالك وأصحابه، يدل على ذلك نصحه لقومه في تثبيته إياهم على الإسلام وعدم المناوأة لخالد وأمره إياهم بالتفرق لئلا يصطدموا بجيشه الناهد إلى بطاحهم ونهيه إياهم عن الاجتماع في مكان ما