النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ١٢٤
غضب لفعلة خالد إذ قتل مالكا وتزوج امرأته فتركه منصرفا إلى المدينة مقسما أن لا يكون أبدا في لواء عليه خالد، وأن متمم بن نويرة أخا مالك ذهب معه، فلما بلغا المدينة ذهب أبو قتادة ولا يزال الغضب آخذا منه مأخذه فلقي أبا بكر فقص عليه أمر خالد، وقتله مالكا وزواجه من ليلى، وأضاف أنه أقسم أن لا يكون أبدا في لواء عليه خالد. قال: لكن أبا بكر كان معجبا بخالد وانتصاراته، ولم يعجبه أبو قتادة، بل أنكر منه أن يقول في سيف الإسلام ما يقوله!
قال هيكل: أترى الأنصاري - يعني أبا قتادة - هاله غضب الخليفة فأسكته.
ثم قال: كلا فقد كانت ثورته على خالد عنيفة كل العنف لذلك ذهب إلى عمر ابن الخطاب فقص عليه القصة، وصور له خالدا في صورة الرجل الذي يغلب هواه على واجبه، ويستهين بأمر الله إرضاء لنفسه. قال: وأقره عمر على رأيه وشاركه في الطعن على خالد والنيل منه، وذهب عمر إلى أبي بكر وقد أثارته فعلة خالد أيما ثورة، وطلب إليه أن يعزله، وقال إن سيف خالد رهقا (1) وحق عليه أن يقيده ولم يكن أبو بكر يقيد من عماله (2)، لذلك قال حين ألح عمر عليه غير مرة: هبه يا عمر، تأول فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد.
ولم يكتف عمر بهذا الجواب، ولم يكف عن المطالبة بتنفيذ رأيه فلما ضاق أبو بكر ذرعا بالحاح عمر، قال: لا يا عمر ما كنت لاشيم (3) سيفا سله الله على الكافرين.
قال هيكل: لكن عمر كان يرى صنيع خالدا نكرا فلم تطب نفسه ولم

(1) الرهق السفه والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم (منه قدس).
(2) وهذا من اجتهاده مقابل النص فإن الله تعالى يقول: " وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس " (الآية) (منه قدس).
(3) أشيم: أغمد والشيم يستعمل في كل من السل والإغماد (منه قدس).
(١٢٤)
مفاتيح البحث: القتل (2)، الطعن (1)، الغضب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»