بدين وفي عقول المتقطنين وان لم يكونوا بالشرايع ملتزمين، قد خفي على سيد البشر نعوذ بالله من هذه الهذيانات.
إذ لو قيل بموجب رواية أحمد وأبي يعلى والبزار من أكله مما ذبح على النصب بل مباشرته لهذا الذبح مع زيد بن حارثة فالامر واضح، ولو قيل بموجب ما رواه البخاري في كتاب الذبائح فهو أيضا لا يخلو من رضائه - صلى الله عليه وآله وسلم - بهذا الامر الشنيع وحفظ هذا اللحم في السفرة وعدم ابائه عن أكله - صلى الله عليه وآله وسلم - ودعوته لزيد في الاكل منه واباء زيد وأعرفيته بالله منه وأورعيته وأعقليته.
ولو قيل بموجب ما رواه في كتاب المناقب فكذلك اتحاد الحديثين، فلابد من ارجاع الضمير في قوله: فأبى، إلى زيد كما هو سياق الكلام والمقام والحديث يفسر بعضه بعضا، كما صرح به أعيان العامة فيلزم جميع ما ذكرنا.
ولو تعسف متعسف فارجع الضمير إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا أقل دعوة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - زيدا إلى هذا الامر القبيح الذي تقررت حرمته في الشرايع السابقة بل في شريعة إبراهيم على ما اعترف بعض أعيانهم وارتكز قبحه في العقول ولننقل بعض كلمات القوم مما يتعلق بالمقام.
فنقول من عجيب الأمر أن ابن روزبهان لابتلائه بضيق خناق الالزام والافحام من علامة العلماء الاعلام حيث ذكر هذا الحديث بعين الالفاظ التي أوردها البخاري في كتاب الذبائح، من أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لقى زيد بن عمرو فقدم اليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل منها ثم قال: اني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم! اضطرب واختل عقله وضاق عليه الامر فاختلق تتمة لهذا الحديث غير مرتبطة به لفظا ولا معنى.