يجعل إخبارا فيكون إما من الفحش أو الهذيان، والقائل كان عمر، ولا يظن به ذلك (1). انتهى.
أقول: لم يأل جهدا في الدفاع عن إمامة والذب عنه، ولا يصلح العطار ما أفسد الدهر، لان الخطاب باللفظ القبيح لا يخرجه التأويل من القبح والخطر والحرمة، لان أحدنا إذا خاطب غيره بقول: يا حمار، لا يعذر إذا قال: أردت يا بليد وإن صدق، مع أن هذا اقتراح على عمر، ولعله لا يرضى ويقول: ما نويت ذلك وإن كان التأويل كالمؤول في المحذور، لان تخليط الكلام وتغيره بسبب المرض هو الهذيان بعينه.
والجوهري قد صرح بأن التخليط هو الافساد، وخولط الرجل في عقله واختلط فلان: فسد عقله (2).
وقوله آخرا: فيكون الفحش والهذيان إلى آخره، ايهام بأنه إذا كان على الاستفهام لا يكون بمعنى الفحش والهذيان، وهو غلط فاحش وتدليس، وأيضا هو مناف لما نقلناه من قوله انه بالفتح إذا خلط في كلامه وإذا هذى.
الثاني: انه يستلزم عدم إيمان عمر، لقوله سبحانه: * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * (3)، ومعلوم أنهم عصوه عنه الاختلاف العظيم وكثرة اللغط والتنازع، وقد نبههم صلى الله عليه وآله على هذا المعنى بقوله: " لا ينبغي عندي التنازع "، بل ينبغي إذا شجر بينهم شئ أن يحكمونه صلى الله عليه وآله، فلما رأينا فيهم من لم يسلم ولم يحكم حكمنا عليه بأنه لم يؤمن.
الثالث: إن عمر نهى من حضر عن المعروف - وهو إطاعة النبي