المسجد رقيت أبا قبيس، فإذا رجل جالس يدعو فقال: " يا رب يا رب " حتى انقطع نفسه، ثم قال: " يا حي " حتى انقطع نفسه، ثم قال: " الهي اني أشتهي العنب فأطعمنيه، اللهم وان بردي قد خلقا فأكسني ".
قال الليث: فوالله ما استتم كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوءة عنبا، وليس على الأرض يومئذ عنب، وإذا بردين موضوعين لم أر مثلهما في الدنيا، فأراد أن يأكل فقلت: أنا شريكك، فقال: " ولم؟ " فقلت: إنك دعوت وكنت أو من، فقال: " تقدم وكل " فتقدمت وأكلت عنبا لم آكل مثله قط، ما كان له عجم، فأكلنا حتى شبعنا، ولم تتغير السلة فقال: لا تدخر ولا تخبأ منه شيئا، ثم أخذ أحد البردين، ودفع إلي الاخر، فقلت: إن بي غنى عنه، فاتزر بأحدهما وارتدى بالأخرى، ثم أخذ برديه الخلقتين فنزل وهما بيده، فلقيه رجل بالمسعى فقال: أكسني يا ابن رسول الله مما كساك الله فإنني عريان، فدفعهما إليه، فقلت: من هذا؟ قال: جعفر الصادق، فطلبته بعد ذلك اسمع منه شيئا فلم أقدر عليه (1). انتهى.
وذكر هذه القصة اليافعي الشافعي في كتابه روض الرياحين بعينها وألفاظها.
ثم قال ابن حجر: توفي سنة أربع وثمانين ومائة مسموما أيضا على ما حكي وعمر ثمان وستون سنة، ودفن بالبقيع السابقة عند أهله (2). انتهى.
قال ابن خلكان في تأريخه: جعفر الصادق: أبو عبد الله جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين، أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، كان من سادات أهل البيت، ولقب بالصادق، لصدقه في مقالته.
وفضله أشهر من أن يذكر، وله كلام في صناعة الكيمياء والزجر