فقال: " صدقتم، وأنا على ذلك من الشاهدين ".
فإنما قال ذلك علي بعد أن آلت إليه الخلافة، لقول أبي الطفيل رواية كما يثبت عند أحمد والبزاز: جمع علي الناس بالرحبة يعني بالعراق، ثم قال لهم: " أنشد الله من شهد يوم غدير خم " إلى آخر ما مر، فأراد به حثهم على التمسك به والنصرة له (1). انتهى.
وقال ابن حجر في هذا الكتاب - بعد أن منع أن يكون المولى في هذا الخبر بمعنى الولي في كلام طويل لا يرجع إلى طائل - قال: وحينئذ فإنما جعلنا في معانيه التصرف في الأمور، نظرا إلى الرواية الآتية " من كنت وليه "، فالغرض من التنصيص على موالاته اجتناب بغضه، لان التنصيص عليه أوفى بمزيد شرفه، وصدره ب " أولى بكم من أنفسكم " يرشد لما ذكرناه عليه صلى الله عليه وآله في هذه الخطبة على أهل بيته عموما وعلى علي خصوصا.
ويرشد إليه أيضا ما ابتدأ به هذا الحديث، ولفظه عن الطبراني وغيره بسند صحيح: انه صلى الله عليه وآله خطب بغدير خم تحت شجرات فقال:
" يا أيها الناس انه قد نبأني اللطيف الخبير انه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وأني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، فإني مسؤول وانكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ ".
قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيرا.
فقال: " أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن جنته حق، وأن ناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ ".
قالوا: بلى نشهد بذلك.
قال: " اللهم إشهد ".