رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٦٠
الملك الذي من شانه ان يخدمه الملوك والامراء ويقوم على رأسه السادات والعظماء ويتولى خدمته الحكماء وتمشى بين يديه الأكابر والرؤساء إذا اذن لسوقي أو قروي في الدخول عليه والقرب منه حتى زاحم أولئك السادات والأفاضل في خدمته وجعل له مقاما في حضرته أليس يقال كثرت على هذا الحقير المنة من الملك وعظمت عليه النعمة فان أحد هذا الحقير بمن على الملك بتلك الخدمة الحقيرة ويستعظم ذلك مع هذه النعمة الواصلة إليه ويعجب بعمله أليس ينسب إلى محض السفه والجنون فكيف إلهنا الذي له ملك السماوات والأرض وقد دان له العاملون ووقف بخدمته الملائكة المقربون والأنبياء والمرسلون الذي لا يحصى عددهم الا رب العالمين ومنهم النافذة في تخوم الأرض اقدامهم والواصلة إلى العرش رؤوسهم وهم مع ذلك مطرقون لا يرفعون رؤوسهم تعظيما لله تعالى ولا يفترون عن ذكر الله ابدا إلى اخر مدتهم فإذا أراد الله ان يميتهم رفعوا رؤوسهم وقالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ولا يخفى حال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في جده واجتهاده في عباده ربه ومن بعده من أئمة الذي يخرج ذكر يسيره عن حد الاختصار إلى نهاية الاكثار وهم مع ذلك معترفون بالتقصير باكون على أنفسهم مزرؤون عليها ثم انك ترضى من نفسك بصلاة ركعتين محشوة من المعائب وقد وعدت من الثواب عليها بما لا يخطر بقلب بشر وتعجب بذلك وتستكثره ولا ترى منة الله عليك في ذلك فما أجهلك من انسان وما أسوأك من رجل وما أسفهك من بشر واما نحن فلو عقلنا وتيقظنا لأعمالنا لوجدناها إلى كفه السيئات أميل منها إلى كفة الحسنات لشدة الغفلة وكثرة المعائب وفساد القلوب وتشويش المقاصد اللهم لا تكلنا إلى أعمالنا ولا تؤاخذنا بتفريطنا واهمالنا واشملنا بفضلك وانسك وخذ بنواصي قلوبنا إلى جوار قدسك فقد بما سرت وعظيما غفرت وجزيلا أعطيت وجسيما أبليت
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست