رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٤٤
أحدهما عابد والاخر فاسق فخرجا من المسجد والفاسق صديق والعابد فاسق وذلك أنه يدخل العابد مدلا بعبادته فيدل بها فيكون فكرته في ذلك ويكون فكرة الفاسق في التندم على فسقه ويستغفر الله عز وجل مما صنع من الذنوب وقال النبي صلى الله عليه وآله قال الله تعالى لداود عليه السلام يا داود بشر المذنبين وانذر الصديقين قال كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين قال يا داود بشر المذنبين انى اقبل التوبة وأعفو عن الذنب وانذر الصديقين الا يعجبوا بأعمالهم فإنه ليس عبد يعجب بالحسنات الا هلك واعلم أن الريا على ضربين رياء محض ورياء مختلط فالمحض ان يريد بعلمه نفع الدنيا وهو أعم من أن يتوصل به إلى محرم أو مباح أو الحذ ومن أن ينظر إليه بعين النقص ولا يعد من الخاصة والمختلط ان يقصد به ذلك مع التقرب إلى الله تعالى وكلاهما مفسد للعمل بل الأول ساقط عن درجة البحث والاعتبار والثاني هو الاشراك لله تعالى في العبادة التي قد تقدم انه يتركها لشريكه وهذا هو الشرك الخفي هذه الأمة الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وآله بأنه في أمته فاش ثم المقصود هنا ليس هو البحث عن الفعل الذي يقع ابتداء رياء لان ذلك باطل في نفسه ولا يعرض لقلوب العارفين وانما الكلام هنا فيما يبتدى الانسان به من العبادة خالصا لله تعالى لا يريد به غيره ثم يعرض له ما ينافي الاخلاص على وجه الشوب اللطيف الذي ينبغي التنبيه عليه في مثل هذا المقام وهو يأتي على وجوه بعضها جلى وبعضها خفى أحدها ان يعقد الصلاة مثلا على الاخلاص المحض والطاعة والاقبال على الله تعالى بها وهو خال من نظر الناس إليه فيدخل عليه داخل أو بنظر إليه ناظر فيقول له الشيطان زد صلاتك حسنا حتى ينظر إليك هذا لحاضر بعين الوقار والصلاح ولا يزد ربك ولا يغتابك فتخشع جوارحه ويسكن أطرافه ويحسن صلاته وهذا هو الرياء
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست