ورحمة للعالمين ولذلك أمر الله تعالى الكافة بشكر نعمة الكتاب فقال واذكروا نعمة الله عليكم وما انزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به وإذا قدر انه المقصود لم يتخذ دراسة القران عملا بل قراءة كقرائة العبد كتاب مولاه الذي كتبه إليه ليتدبره ويعمل بمقتضاه قال حكيم هذا القران أتانا من قبل ربنا بعهوده نتدبرها في الصلاة ونقف عليها في الخلوات ونعدها في الطاعات بالسنن المتبعات السادس التأثر وهو ان بتأثر قلبه باثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات فيكون له بحسب كل فهم حال ووجد يتصف به عندما يوجه نفسه في كل حال إلى الجهة التي فهمها من خوف أو حزن أو رجاء أو غيره فيستعد بذلك وينفعل ويحصل له التأثر والخشية وفهما قويت معرفته كانت الخشية أغلب الأحوال على قلبه فان التضيق غالب على العارفين فلا يرى ذكر المغفرة والرحمة الا مقرونا بشروط يقصر العارف عن نيلها كقوله تعالى وانى لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى فإنه قرن المغفرة بهذه الشروط الأربعة وكذلك قوله تعالى والعصر ان الانسان لفى خسر إلى اخر السورة وذكر فيها أربعة شروط وحيث أوجز واختصر ذكر شرطا واحدا جامعا للشرايط فقال تعالى ان رحمة الله قريب من المحسنين إذ كان الاحسان جامعا لكل الشرايط وتأثر العبد بالتلاوة ان يصير بصفة الآية المنلوه فعند الوعيد يتضاءل من خشية الله وعند الوعد يستبشر فرحا برحمة الله وعند ذكر الله وأسمائه يتطأطأ خضوعا لجلاله وعند ذكر الكفار في حق الله ما يمتنع عليه كالصاحبة والولد يغض صوته وينكسر في باطنه حياء من قبح أفعالهم ويكبر الله ويقدسه عما يقول الظالمون وعند ذكر الجنة ينبعث بباطنه شوقا إليها وعند ذكر النار ترعد فرائصه خوفا منها ولما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لابن مسعود اقرأ على قال ففتحت سورة النساء فلما بلغت فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على
(١٣٩)