رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٣٨
الله تعالى قل لو كان البحر مداد الكلمات ربى لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا وقال علي عليه السلام لو شئت لا وقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب فمن لم ينفهم معاني القران في تلاوته وسماعة ولو في أدنى المراتب دخل في قوله تعالى أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وقوله أفلا يتدبرون القران أم على قلوب أقفالها الرابع التخلي عن موانع الفهم فان أكثر الناس منعوا من فهم القران لأسباب و حجب استدلها الشيطان على قلوبهم فحجبت عن عجائب اسراره قال صلى الله عليه وآله لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت ومعاني القران واسراره من جملة الملكوت والحجب الموانع منها والاشتغال بتحقيق الحروف واخراجها من مخارجها والتشدق بها من غير ملاحظة المعنى وقيل إن المتولي لحفظ ذلك شيطان وكل بالقراءة ليصرف عن معاني كلام الله تعالى فلا يزال يحملهم على ترديد الحروف ويخيل إليهم انه لم يخرج من مخرجه فيكون تأمله مقصورا على مخارج الحروف فمتى ينكشف له المعاني وأعظم ضحكة للشيطان من كان مطيعا لمثل هذا التلبيس ومنها ان يكون مبتلى من الدنيا بهوى مطاع فان ذلك سبب لظلمة القلب كالصدء على المرآة فيمنع جلبه الحق ان يتجلى فيه وهو أعظم حجاب للقلب وبه حجب الأكثرون وكلما كانت الشهوات أكثر تراكما على القلب كان البعد عن اسرار الله أعظم ولذلك قال صلى الله عليه وآله الدنيا والآخرة ضرتان بقدر ما تقرب من إحديهما بتعد من الأخرى الخامس ان يخصص نفسه بكل خطاب في القران من أمرا ونهى أو وعدا ووعيد ويقدر انه هو المقصود وكذلك ان سمع قصص الأولين والأنبياء عليهم السلام وعلم أن مجرد القصة غير مقصود وانما المقصود الاعتبار ولا يعتقدان كل خطاب خاص في القران فأراد به الخصوص فان القران وساير الخطابات الشرعية واردة على طريقة إياك أعني واسمعي باجاره وهي كلها نور وهدى
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست