رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٢٨
أو يقتله فقال أعوذ منك بذلك الحصن الحصين وهو ثابت في مكانه ان ذلك لا ينفعه بل لا يفيده الا تبديل المكان فكذلك من يتبع الشهوات التي هي محل الشيطان ومكاره فلا يغنيه مجرد القول فليقترن قوله بالعزم على التعوذ لحصن الله تعالى عن شر الشيطان وحصنه لا إله إلا الله إذ قال الله فيما أخبر عنه نبينا صلى الله عليه وآله لا إله إلا الله حصني والمتحصن به من لا معبود له سوى الله تعالى فاما من اتخذ إلهه هواه وهو في ميدان الشيطان لافى حصن الله ومن دقائق مكائده ان يشغلك في الصلاة بفكر الآخرة وتدبر فعل الخيرات ليمنعك عن فهم ما تقرأ فاعلم أن كل ما يشغلك عن فهم معاني قرائتك فهو وسواس فان حركة اللسان غير مقصودة بل المقصود معانيها كما مر والناس في القراءة على ثلثة أقسام فمنهم من يحرك لسانه بها ولا يتدبر قلبه لها وهذا من الخاسرين الداخلين في توبيخ الله سبحانه وتهديده بقوله تعالى أفلا يتدبرون القران أم على قلوب أقفالها ودعا نبيه صلى الله عليه وآله ويل لمن لاكها بين لحييه ثم لا يتدبرها ومنهم من يتحرك لسانه وقلبه يتبع اللسان فيسمع ويفهم منه كأنه يسمعه من غيره وهذا درجة أصحاب اليمين ومنهم من يسبق قلبه إلى المعاني أولا ثم يخدم اللسان قلبه فيترجمه وهذه درجة المقربين وفرق جلى بين ان يكون اللسان ترجمان القلب كما في هذه الدرجة وبين ان يكون معلمه كما في الدرجة الثانية فالمقربون لسانهم ترجمان يتبع القلب ولا يتبعه القلب وتفصيل ترجمة المعاني على سبيل الاقتصار انك إذا قلت بسم الله الرحمن الرحيم فأنوبه التبرك لابتداء القراءة بكلام الله تعالى وافهم ان معناه ان الأمور كلها بالله وان المراد هينا بالاسم هو المسمى وإذا كانت الأمور كلها بالله فلا جرم كان الحمد لله فإذا قلت الرحمن الرحيم فاحضر في قلبك أنواع لطفه ليتضح لك رحمته فينبعث به رجائك ثم استشعر من قلبك التعظيم والخوف بقولك مالك يوم الدين إما لعظمة فإنه لا ملك الا له و إما
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست