وهي الألفية والاخرى على مندوباتها وهي النفلية وهذه على اسرارها القلبية وسميتها بالتنبيهات العلية على وظائف الصلاة القلبية ورتبتها ترتيب القادمة على مقدمة وفصول ثلثة وخاتمة إما المقدمة فتشتمل على ثلثة مطالب الأول في تحقيق معنى القلب الذي ينبغي احضاره في أوقات العبادات وبسببه بتفاوت مراتب العبادات في الدرجات اعلم أن القلب يطلق على معنيين أحدهما اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر وهو لحم مخصوص وفى باطنه تجويف وفى ذلك التجويف دم اسود وهو منبع الروح ومعدنه وهذا المعنى من القلب موجود للبهائم بل للميت وليس هو المراد في هذا الباب ونظائره والمعنى الثاني لطيفة ربانية روحانية لها بهذا القلب الجسماني تعلق وتلك اللطيفة هي المعبر عنها بالقلب تارة وبالنفس أخرى وبالروح أخرى وبالانسان أيضا وهي المدرك العالم العارف وهي المخاطب و المعاتب ولها علاقة مع القلب الجسدي أو قد تحير عقول أكثر الخلق في ادراك وجه علاقته وان تعلقه به يضاهى تعلق الاعراض بالأجسام والأوصاف بالموصوفات أو أو تعلق المستعمل للالة بالآلة أو تعلق المتمكن بالمكان وشرح ذلك يخرج من غرض الرسالة وحيث يطلق القلب في الكتاب والسنة فالمراد منها هذا المعنى الذي يفقه ويعلم وقد يكنى عنه بالقلب في الصدر كما قال الله تعالى فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وذلك لما عرفت من العلاقة الواقعة بينه و بين جسم القلب فإنها وإن كانت متعلقة بساير البدن ومستعملة له ولكنا يتعلق به بواسطة القلب فتعلقها الأول بالقلب ومكانه محله ومملكته وعالمه ومطيته ولذلك شبه بعض العلماء القلب بالعرش والصدر بالكرسي وأراد به انه مملكته والمجرى الأول لتدبيره وتصرفه فهما بالنسبة إليه كالعرش والكرسي بالنسبة إلى الله تعالى ولا يستقيم
(١٠٣)