بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٤ - الصفحة ٨٢
اللهم إن أدعوك لهم لا يفرجه غيرك، ولرحمة لا تنال إلا بك، ولكرب لا يكشفه سواك، ولمغفرة لا تبلغ إلا بك، ولحاجة لا يقضيها إلا أنت، اللهم فكما كان من شأنك إلهامي الدعاء، فليكن من شأنك الإجابة فيما دعوتك له، والنجاة فيما فزعت إليك منه.
اللهم إن لا أكن أهلا أن أبلغ رحمتك، فان رحمتك أهل أن تبلغني، لأنها وسعت كل شئ، وأنا شئ فلتسعني رحمتك يا إلهي يا كريم.
اللهم إني أسألك بوجهك الكريم، أن تصلي على محمد وآله وأن تعطيني فكاك رقبتي من النار، وتوجب لي الجنة برحمتك، وتزوجني من الحور العين بفضلك، وتعيذني من النار بطولك، وتجيرني من غضبك وسخطك علي، وترضيني بما قسمت لي، وتبارك لي فيما أعطيتني، وتجعلني لأنعمك من الشاكرين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وامنن علي بذلك وارزقني حبك وحب كل من أحبك، وحب كل عمل يقربني إلى حبك، ومن علي بالتوكل عليك، و التفويض إليك، والرضا بقضائك، والتسليم لأمرك، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت، يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله، وافعل بي كذا وكذا مما نحب (1).
بيان: هذه الأدعية أوردها الشيخ (2) رحمه الله في تعقيب هذه النوافل، وتبعه غيره، ويظهر من القرائن عدم اختصاصها بتلك النوافل (3) كما أومأ إليه السيد رضي الله

(١) فلاح السائل: ١٩٦ - ١٩٧.
(٢) راجع مصباح المتهجد: ٤٩ و ٥٠.
(٣) قد اعترض المؤلف العلامة - ره - بمثل ذلك على الشيخ قدس سره في ص ٧٩ أيضا وقال: " الشيخ كثيرا " يذكر الأدعية المطلقة عقيب الصلوات لأنه أفضل الأوقات، وفيه ما فيه ".
وعندي أن الشيخ قدس سره أجل وأتقى من أن يدلس أو يتسامح في وضع شئ في غير موضعه المشروع فينقل الأدعية في غير موردها المقطوع.
بل كان الشيخ قدس سره أتقى وأورع من أن ينقل تلك الأحاديث المتضمنة لتلك الأدعية ويسندها إلى الأئمة المعصومين لما في اسنادها من الضعف والوهن، ومخالفة متونها للسيرة المعروفة من أدعية الأئمة عليهم السلام من الابتداء بالثناء والتحميد، ثم الصلاة على النبي وآله، ثم طلب الحوائج بما جرى على اللسان ".
فالشيخ - شيخ الطائفة المحقة - لم يكن ليتسامح في نقل الأدعية في غير موردها أو يقيدها وهي مطلقة، بل كان يتسامح في أصل نقلها وجواز التمسك والتعلق بها، عملا بأخبار من بلغ - وتأسيسا " لقاعدة التسامح في أدلة السنن - رجاء للداعي أن يثيبه الله عز وجل بالمغفرة والرحمة ويتفضل عليه بإجابة الدعاء والمسألة.
ولما كان سندها في غاية الوهن لا يوجب علما " ولا عملا ولا صح اسنادها ونسبتها إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام، احتاط في ذلك وأوردها في تعقيب الفرائض والنوافل تارة وفي قنوتات الصلوات أخرى ليشملها عمومات الامر بالدعاء، ولذلك ترى أنه قدس سره يذكر لفظ الدعاء مطلقا " ولا يلتفت إلى ذكر سنده ولا إلى ما في الخبر من شرح الدعاء وآثاره وفوائده الا قليلا.
على أن المسلم من الروايات أن الدعاء قسمان: قسم هو موقت يجب التحفظ على صورته كما ورد من دون تصرف فيه، وقسم هو غير موقت، يجوز انشاؤه أو اقتباسه من سائر الأدعية والتصرف فيها بما يناسب حال الداعي، إذا كان بالغا معرفته هذا المبلغ.
فمن الروايات التي تحكم بذلك ما نقله العلامة المجلسي قدس سره حين عقد في كتاب الأدعية بابا " وترجمه " باب جواز أن يدعى بكل دعاء والرخصة في تأليفه ". وذكر نقلا من خط الشهيد - ره - عن علي عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الدعاء يرد البلاء وقد ابرم ابراما "، قال الوشاء فقلت لعبد الله ابن سنان: هل في ذلك دعاء موقت؟ فقال: اما انى سألت الصادق عليه السلام فقال: نعم اما دعاء الشيعة المستضعفين ففي كل علة من العلل دعاء موقت: وأما المستبصرون البالغون فدعاؤهم لا يحجب.
ومنها ما رواه الكليني في الكافي بالاسناد إلى إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت وما يقال فيه، قال: ما قضى الله على لسانك ولا أعلم فيه شيئا " موقتا ".
ومنها ما رواه الشيخ والكليني قد هما عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن القنوت في الوتر هل فيه شئ موقت يتبع ويقال؟ فقال: لا، اثن على الله عز وجل، وصل على النبي صلى الله عليه وآله واستغفر لذنبك العظيم، وكل ذنب عظيم.
فالدعاء الموقت هو الذي وقت بألفاظه ولا يجوز الزيادة عليه ولا النقيصة عنه حتى بشئ يسير من الأذكار، كما عرفت من انكار الأئمة المعصومين على أصحابهم حيث قالوا:
" يا مقلب القلوب والابصار " بدل " يا مقلب القلوب " و " يحيى ويميت ويميت ويحيى " بدل " يحيى ويميت " فقط، وغير ذلك من الموارد.
وأما الأدعية الواردة بألفاظ مختلفة في متونها كما في دعاء الالحاح الذي نقل في مورد البحث، فاختلاف ألفاظها يدل على أنها من الأدعية غير الموقتة التي يجوز التصرف فيها بما يناسب مقال الداعي وحاله.
ومن موارد التصرف في الأدعية ما مر في ج 86 ص 369 - 371 عند ذكر المؤلف العلامة دعاء التمجيد " ما يمجد به الرب تبارك وتعالى نفسه " فتارة روى بعنوان تمجيد الرب نفسه، وتارة تصرف في العبارات بحيث صار تمجيد العبد ربه بما كان يمجد الرب نفسه، وصرح المؤلف قدس سره في ص 370 بأن القاري: لهذا الدعاء يغير الفقرات من التكلم إلى الخطاب.
فإذا جاز التصرف في ألفاظ الدعاء غير الموقتة، بما يناسب حال الداعي ومقاله جاز قراءتها عند تعقيب الصلوات وهو أفضل الأوقات كأنه ينشئ الدعاء من عند نفسه، لتناسب تلك الأدعية، فلا اشكال في ذلك ابدا ".
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * الباب السابع والأربعون * ما ينبغي أن يقرء كل يوم وليلة 1
3 فيما كان في كتاب يوشع بن نون عليه السلام 4
4 قصة عابد من بني إسرائيل 10
5 * أبواب * * النوافل اليومية وفضلها واحكامها وتعقيباتها * * الباب الأول * جوامع أحكامها واعدادها وفضائلها... 21
6 بحث حول إيقاع النافلة في وقت الفريضة، والأقوال فيها 23
7 فيما روى الشهيد في الذكرى في أن رسول الله (ص) فات عنه صلاة الفجر وقضاها 24
8 في قول الله تعالى: ما تحبب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته... 31
9 فيمن صلى نافلة وهو جالس 35
10 في الفرق بين الفريضة والنافلة 49
11 * الباب الثاني * نوافل الزوال وتعقيبها وأدعية الزوال 52
12 في صلوات صلاها مولانا الرضا عليه السلام 52
13 مما يقال قبل الشروع في نوافل الزوال 59
14 الدعاء بين كل ركعتين من صلاة الزوال 64
15 عدد النوافل والبحث والتوضيح فيها 72(ه‍)
16 * الباب الثالث * نوافل العصر وكيفيتها وتعقيباتها 78
17 الدعاء بين كل ركعتين من صلاة نوافل العصر 78
18 في وقت نافلة العصر، والبحث في جواز تقديم نافلتي الظهر والعصر 86
19 * الباب الرابع * نوافل المغرب وفضلها وآدابها وتعقيباتها وسائر الصلوات المندوبة... 87
20 فيما يقرء في نافلة المغرب من السور 87
21 وقت نافلة المغرب والأقوال فيها 89
22 في صلاة الغفيلة 96
23 من الصلوات بين المغرب والعشاء، وفيه بحث وتحقيق وبيان 100
24 بحث في ذيل الصفحة في الاخبار الضعيفة السند 101(ه‍)
25 * الباب الخامس * فضل الوتيرة وآدابها وعللها وتعقيبها وسائر الصلوات بعد العشاء الآخرة 105
26 فيما يقرء في الوتيرة والدعاء بعدها 108
27 * الباب السادس * فضل صلاة الليل وعبادته، وفيه: آيات، و: أحاديث 116
28 في ذيل الصفحة بيان في التهجد 116(ه‍)
29 تفسير الآيات، ومعنى قوله تعالى: " والمستغفرين بالأسحار " 120
30 معنى قوله تعالى: " قم الليل إلا قليلا " وفيه بيان 126
31 في قول رسول الله (ص): أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل 138
32 معنى قوله عز اسمه: " ورهبانية ابتدعوها " وفيه توضيح 146
33 في أهل قرية أسرفوا في المعاصي وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين 150
34 في قول الصادق عليه السلام: كذب من زعم أنه يصلي بالليل ويجوع بالنهار 153
35 * الباب السابع * دعوة المنادى في السحر واستجابة الدعاء فيه وأفضل ساعات الليل 163
36 في نزول ملك إلى السماء الدنيا في ليلة الجمعة وينادي: هل من تائب؟... 164
37 فيمن لا يستجاب دعاؤه 166
38 * الباب الثامن * أصناف الناس في القيام عن فرشهم وثواب احياء الليل كله أو بعضه... 169
39 في أن الناس في القيام عن فراشهم ثلاثة أصناف 169
40 * الباب التاسع * آداب النوم والانتباه 173
41 الدعاء للانتباه من النوم 173
42 أدعية النوم والانتباه 174
43 الدعاء لمن خاف اللصوص، والاحتلام، ومن أراد رؤيا ميت في منامه 176
44 * الباب العاشر * علة صراخ الديك والدعاء عنده 181
45 في الديك الذي كان تحت العرش 181
46 الدعاء عند استماع صوت الديك 184
47 * الباب الحادي عشر * آداب القيام إلى صلاة الليل والدعاء عند ذلك 186
48 الدعاء عند النظر إلى السماء 186
49 معنى ليل داج 188
50 * الباب الثاني عشر * كيفية صلاة الليل والشفع والوتر وسننها وآدابها وأحكامها 194
51 ترجمة: أبو الدرداء، وعروة بن الزبير 194(ه‍)
52 الدعاء في قنوت الوتر 198
53 في وقت صلاة الليل 206
54 دعاء الوتر وما يقال فيه 211
55 صلاة الليل في ليلة الجمعة 233
56 في الذنوب التي تغير النعم، وتورث الندم، وتنزل النقم، وتهتك الستر... 252
57 الدعاء بعد صلاة الليل 258
58 معنى الدعاء وشرح بعض لغاته 263
59 دعاء في قنوت الوتر ما كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في الاستغفار 282
60 دعاء الحزين 288
61 ترجمة ابن خانبه، والبحث حوله 291(ه‍)
62 * الباب الثالث عشر * نافلة الفجر وكيفيتها وتعقيبها والضجعة بعدها 310
63 في نافلة الفجر ووقتها، والبحث فيها 310
64 الأدعية التي يقرء بعد ركعتي الفجر وقبل الفريضة 313
65 في أن عليا عليه السلام كان يستغفر سبعين مرة في سحر كل ليلة، وصورة الاستغفار... 326
66 دعاء الصباح 339
67 في سند دعاء الصباح وشرح بعض لغاته 342
68 في الاضطجاع بعد نافلة الفجر 354