كذلك أو الصانع تعالى بشخص أظهر لسانه لاظهار قدرته وحكمته.
والتبلج الإضاءة والاشراق، والإضافة تحتمل الوجهين، وإن كان الأول أظهر ولا يخفى لطف الاستعارات والترشيحات على ذوي الأذهان النيرة، وقد ناسب إثبات النطق للصبح قوله سبحانه: " والصبح إذا تنفس " (1).
" وسرح " في أكثر النسخ بالتشديد، وفي بعضها بالتخفيف، وسرح الماشية وتسريحها إرسالها للرعي، ولما كان نور الصبح يفرق ظلمة الليل، ويذهبها، فكأنه شبهه برجل يرسل مواشيه عند الصباح للرعي بعد جمعها في مراحها بالليل، وشبه قطع الظلمة بتلك المواشي، ويمكن أن يكون من تسريح الشعر بالمشط، فكأنه شبه الصبح بمشط يسرح به ذوائب الليل حيث يقطعها ويفرقها، وظلم الليل، بالكسر و أظلم بمعنى، وفي بعض النسخ المدلهم بدل المظلم بمعناه.
والغياهب جمع غيهب وهو الظلمة، والباء إما بمعنى مع ومتعلقة بقوله:
" سرح " أو للسببية متعلقة بالمظلم، والتلجلج التردد والاضطراب، يقال الحق أبلج والباطل لجلج أي الحق ظاهر نير، والباطل مظلم متردد غير مستقيم، والتردد إما عند اختلاط النور به أو كناية من شدة الظلمة، كأنها تموج وتتحرك.
وأتقن اي أحكم " صنع الفلك الدوار " أي خلقه " في مقادير " وفي بعض النسخ " بمقادير تبرجه " التبرج إظهار المرأة زينتها، كما قال الله تعالى " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " (2) ويحتمل أن يكون المراد هنا انتقال الكواكب فيه من برج إلى برج، والأول أيضا " يرجع إلى ذلك، فان تبرج الفلك حركته مع زينته بالكواكب وظهوره بها للخلق، والظرف إما متعلق بأتقن أي الاتقان في مقادير حركات كل فلك وانتظامها الموجب لصلاح أحوال جميع المواليد والمخلوقات، أو حال عن الفلك أي أحكم خلقه كائنا " في تلك المقادير، أو متلبسا " بها، والمعنى أحكم خلقه ومقادير