على بعض امراء تكرمة الله لهذه الأمة.
قال: هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه فإن كان الحديث المتقدم قد أول فهذا لا يمكن تأويله لأنه صريح فان عيسى عليه السلام يقدم أمير المسلمين وهو يومئذ المهدي عليه السلام فعلى هذا بطل تأويل من قال: معنى قوله و إمامكم منكم، أي يؤمكم بكتابكم.
قال: فان سأل سائل وقال: مع صحة هذه الأخبار وهي أن عيسى يصلي خلف المهدي عليه السلام ويجاهد بين يديه وأنه يقتل الدجال بين يدي المهدي عليه السلام ورتبة التقدم في الصلاة معروفة وكذلك رتبة التقدم في الجهاد وهذه الأخبار مما يثبت طرقها وصحتها عند السنة وكذلك ترويها الشيعة على السواء وهذا هو الاجماع من كافة أهل الاسلام إذ من عدا الشيعة والسنة من الفرق فقوله ساقط مردود وحشو مطرح فثبت أن هذا إجماع كافة أهل الاسلام ومع ثبوت الاجماع على ذلك وصحته فأيما أفضل الامام أو المأموم في الصلاة والجهاد معا.
الجواب عن ذلك أن نقول: هما قدوتان نبي وإمام وإن كان أحدهما قدوة لصاحبه في حال اجتماعهما وهو الامام يكون قدوة للنبي في تلك الحال وليس فيهما من يأخذه في الله لومة لائم وهما أيضا معصومان من ارتكاب القبايح كافة و المداهنة والرياء والنفاق ولا يدعو الداعي لأحدهما إلى فعل ما يكون خارجا عن حكم الشريعة ولا مخالفا لمراد الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
وإذا كان الامر كذلك فالامام أفضل من المأموم لموضع ورود الشريعة المحمدية بذلك بدليل قول النبي صلى الله عليه وآله: يؤم بالقوم أقرؤهم فان استووا فأعلمهم فان استووا فأفقههم فان استووا فأقدمهم هجرة فان استووا فأصبحهم وجها فلو علم الإمام أن عيسى أفضل منه لما جاز له أن يتقدم عليه لاحكامه علم الشريعة ولموضع تنزيه الله تعالى له عن ارتكاب كل مكروه وكذلك لو علم عيسى أنه أفضل منه لما جاز له أن يقتدي به لموضع تنزيه الله له من الرياء والنفاق والمحاباة بل لما تحقق الامام أنه أعلم منه جاز له أن يتقدم عليه وكذلك قد تحقق عيسى أن الامام أعلم