وأما الإمام المهدي عليه السلام مذ غيبته عن الابصار إلى يومنا هذا لم يملأ الأرض قسطا وعدلا كما تقدمت الاخبار في ذلك فلا بد أن يكون ذلك مشروطا بآخر الزمان فقد صارت هذه الأسباب لاستيفاء الاجل المعلوم فعلى هذا اتفقت أسباب بقاء الثلاثة (وهم عيسى والمهدي والدجال) لصحة أمر معلوم في وقت معلوم وهم صالحان نبي وإمام وطالح عدو الله وهو الدجال وقد تقدمت الاخبار من الصحاح بما ذكر ناه في صحة بقاء الدجال مع صحة بقاء عيسى عليه السلام فما المانع من بقاء المهدي عليه السلام مع كون بقائه باختيار الله وداخلا تحت مقدوره سبحانه وهو آية الرسول صلى الله عليه وآله.
فعلى هذا هو أولى بالبقاء من الاثنين الآخرين لأنه إذا بقي المهدي عليه السلام كان إمام آخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلا كما تقدمت الاخبار فيكون بقاؤه مصلحة للمكلفين ولطفا بهم في بقائه من عند رب العالمين والدجال إذا بقي فبقاؤه مفسدة للعالمين لما ذكر من ادعاء ربوبيته وفتكه بالأمة ولكن في بقائه ابتلاء من الله تعالى ليعلم المطيع منهم من المعاصي والمحسن من المسئ والمصلح من المفسد وهذا هو الحكمة في بقاء الدجال.
وأما بقاء عيسى فهو سبب إيمان أهل الكتاب به للآية والتصديق بنبوة سيد الأنبياء محمد خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وآله الطاهرين ويكون تبيانا لدعوى الامام عند أهل الايمان ومصدقا لما دعا إليه عند أهل الطغيان بدليل صلاته خلفه ونصرته إياه ودعائه إلى الملة المحمدية التي هو إمام فيها فصار بقاء المهدي عليه السلام أصلا وبقاء الاثنين فرعا على بقائه فكيف يصح بقاء الفرعين مع عدم بقاء الأصل لهما ولو صح ذلك لصح وجود المسبب من دون وجود السبب وذلك مستحيل في العقول.
وإنما قلنا إن بقاء المهدي عليه السلام أصل لبقاء الاثنين لأنه لا يصح وجود عيسى عليه السلام بانفراده غير ناصر لملة الاسلام وغير مصدق للامام لأنه لو صح ذلك لكان منفردا بدولة ودعوة وذلك يبطل دعوة الاسلام من حيث أراد أن يكون تبعا فصار متبوعا وأراد أن يكون فرعا فصار أصلا والنبي صلى الله عليه وآله قال: لا نبي بعدي و