بأن سمى قوما أنا سادسهم ولم يستوفي (1) بواحد منهم، ولا ذكر لي حالا في وراثة الرسول ولا قرابة ولا صهر ولا نسب، ولا لواحد منهم مثل سابقة من سوابقي ولا أثر من آثاري، وصيرها شورى بيننا وصير ابنه فيها حاكما علينا! وأمره أن يضرب أعناق النفر الستة الذين صير الامر فيهم إن لم ينفذوا أمره! وكفى بالصبر على هذا يا أخا اليهود صبرا، فمكث القوم أيامهم كلها كل يخطب لنفسه وأنا ممسك عن أن سألوني عن أمري (2)، فناظرتهم في أيامي وأيامهم وآثاري وآثارهم، وأوضحت لهم ما لم يجهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم، وذكرتهم عهد رسول الله إليهم وتأكيد ما أكده من البيعة لي في أعناقهم، دعاهم حب الامارة وبسط الأيدي والألسن في الأمر والنهي والركون إلى الدنيا والاقتداء بالماضين قبلهم إلى تناول ما لم يجعل الله لهم، فإذا خلوت بالواحد ذكرته أيام الله وحذرته ما هو قادم عليه وصائر إليه التمس مني شرطا أن أصيرها له بعدي! فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء والحمل على كتاب الله عز وجل ووصية الرسول وإعطاء كل امرئ منهم ما جعله الله له ومنعه ما لم يجعل الله له، أزالها عني إلى ابن عفان! رجل لم يستو به وبواحد ممن حضره حال قط فضلا عمن دونهم، لا يبدر التي هي سنام فخرهم ولا غيرها من المآثر التي أكرم الله بها رسوله ومن اختصه معه من أهل بيته، ثم لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم ونكصوا على أعقابهم وأحال (3) بعضهم على بعض، كل يلوم نفسه ويلوم أصحابه، ثم لم تطل الأيام بالمستبد بالامر ابن عفان حتى أكفروه وتبرؤوا منه، ومشى إلى أصحابه خاصة وسائر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على هذه يستقيلهم من بيعته ويتوب إلى الله من فلتته، فكانت هذه يا أخا اليهود أكبر من أختها وأفظع (4) وأحرى أن لا يصبر عليها، فنالني منها الذي لا يبلغ وصفه ولا يحد وقته، ولم يكن عندي فيها إلا الصبر على ما امض وأبلغ منها، ولقد
(١٧٧)