النظام عن الإمامة (1) في هذا الكتاب، وإنما غرضي حكايتها، فأحببت أن لا أخليها من رسم لمع من الحجج (2) على ما ذكرت وبالله التوفيق.
مما يدل على بطلان قول الكيسانية في إمامة محمد رحمة الله عليه أنه لو كان على ما زعموا إماما معصوما يجب على الأمة طاعته، لوجب النص عليه أو ظهور العلم الدال على صدقه، إذ العصمة لا تعلم بالحس ولا تدرك من ظاهر الخلقة، وإنما تعلم بخبر علام الغيوب المطلع على الضمائر (3) أو بدليله سبحانه على ذلك، وفي عدم النص على محمد من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو من أبيه عليه السلام أو من أخويه عليهما السلام أيضا (4) دليل على بطلان مقال من ذهب إلى إمامته، وكذلك عدم الخبر المتواتر بمعجز ظهر عليه عند دعوته إلى إمامته أن لو كان ادعاها (5) برهان على ما ذكرناه، مع أن محمدا لم يدع قط الإمامة لنفسه، ولا دعا أحدا إلى اعتقاد ذلك فيه، وقد كان سئل عن ظهور المختار وادعائه عليه أنه أمره بالخروج والطلب بثار الحسين عليه السلام وأنه أمره أن يدعو الناس إلى إمامته، عن ذلك وصحته، فأنكره وقال لهم: والله ما أمرته بذلك لكني لا أبالي أن يأخذ بثأرنا كل أحد، وما يسوؤني أن يكون المختار هو الذي يطلب بدمائنا، فاعتمد السائلون له على ذلك - وكانوا كثيرة قد رحلوا إليه لهذا المعنى بعينه على ما ذكره أهل السير - ورجعوا، فنصر أكثرهم المختار على الطلب بدم أبي عبد الله الحسين عليه السلام ولم ينصروه على القول بإمامة أبي القاسم، ومن قرأ الكتب وعرف الآثار وتصفح الاخبار وما جرى عليه أمر المختار لم يخف عليه هذا الفصل الذي ذكرناه، فكيف يصح القول بإمامة محمد مع ما وصفناه؟
فأما ما تعلقوا به فيما ادعوه من إمامته من قول أمير المؤمنين عليه السلام له يوم البصرة وقد أقدم بالراية: " أنت ابني حقا " فإنه جهل منهم بمعاني الكلام وعجرفة في النظر