وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " فقلت لصاحبي جبرئيل: يا خليلي إن قريشا قالوا لي كذا وكذا، فإن الخبر من ربي (1)، فقال: " والله يعصمك من الناس " ثم نادى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأقامه عن يمينه ثم قال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا: اللهم بلى، قال: أيها الناس من كنت مولاه فهذا علي مولاه، فقال رجل من عرض المسجد: يا رسول الله ما تأويل هذا؟ فقال: من كنت نبيه فهذا علي أميره، وقال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، فقال حذيفة: فوالله لقد رأيت معاوية حتى قام فتمطى (2) فخرج مغضبا، واضعا يمينه على عبد الله بن قيس الأشعري ويساره على مغيرة بن شعبة ثم قام يمشي متمطيا وهو يقول: لا نصدق محمد على مقالته ولا نقر لعلي بولايته، فأنزل الله على أثر كلامه " فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى * ثم ذهب إلى أهله يتمطى * أولى لك فأولى * ثم أولى لك فأولى " فهم به رسول الله صلى الله عليه وآله أن يرده ويقتله، ثم قال جبرئيل (3): " لا تحرك به لسانك لتعجل به " فسكت النبي صلى الله عليه وآله (4).
بيان: قال البيضاوي: يتمطى أي يتبختر افتخارا بذلك، من المط، لان المتبختر يمد خطاه (5)، فيكون أصله يتمطط، أو من المطا وهو الظهر فإنه يلويه " أولى لك فأولى " من الولي (6)، وأصله: أولاك الله ما تكرهه واللام مزيدة كما في " ردف لكم (7) " أو أولى لك الهلاك، وقيل: أفعل من الويل بعد القلب كأدنى من دون (8) أو فعلى من آل يؤول بمعنى عقباك النار (9) " ثم أولى لك فأولى " أي يتكرر ذلك عليه مرة بعد