بيعتكم، فإن تفوا ببيعتي وتقبلوا نصيحتي وتستقيموا على طاعتي، أعمل فيكم بالكتاب وقصد الحق، وأقيم فيكم سبيل الهدى، فوالله ما أعلم أن واليا بعد محمد صلى الله عليه وآله أعلم بذلك مني، ولا أعمل. أقول قولي هذا صادقا غير ذام لمن مضى، ولا منتقصا لأعمالهم.
وإن خطت بكم الأهواء المردية، وسفه الرأي الجائر إلى منابذتي تريدون خلافي، فها أنا ذا قربت جيادي، ورحلت ركابي. وأيم الله لئن ألجأتموني إلى المسير إليكم، لأوقعن بكم وقعة لا يكون يوم الجمل عندها إلا كلعقة لاعق، وإني لظان إن شاء الله أن لا تجعلوا على أنفسكم سبيلا.
وقد قدمت هذا الكتاب حجة عليكم، وليس أكتب إليكم من بعده كتابا إن أنتم استغششتم نصيحتي، ونابذتم رسولي، حتى أكون أنا الشاخص نحوكم إن شاء الله والسلام.
فلما قرئ الكتاب على الناس، قام صبرة بن شيمان فقال: سمعنا وأطعنا ونحن لمن حارب أمير المؤمنين حرب، ولمن سالم سلم. إن كفيت يا جارية قومك بقومك فذاك، وإن أحببت أن ننصرك نصرناك.
وقام وجوه الناس فتكلموا بمثل ذلك، فلم يأذن [جارية] لأحد أن يسير معه ومضى نحو بني تميم وكلمهم فلم يجيبوه، وخرج منهم أوباش فناوشوه بعد أن شتموه، فأرسل إلى زياد والأزد يستصرخهم [و] يأمرهم أن يسيروا إليه فسارت الأزد بزياد.
وخرج إليهم ابن الحضرمي فاقتتلوا ساعة، واقتتل شريك بن الأعور الحارثي، وكان من شيعة علي عليه السلام وصديقا لجارية [فقال له: ألا أقاتل معك عدوك؟ فقال: بلى. فقاتلهم.] فما لبث بنو تميم أن هزموهم واضطروهم إلى دار سنبل السعدي، فحصروا ابن الحضرمي فيها، وأحاط جارية وزياد بالدار وقال جارية: علي بالنار. فقالت الأزد: لسنا من الحريق في شئ، وهم قومك