الحكمين، تحمل إليه مقبلا هاله ذلك، فخرج من دمشق معسكرا، وبعث إلى كور الشام، فصاح بها [فيها " خ ل "] إن عليا قد سار إليكم. وكتب إليهم نسخة واحدة، فقرئت على الناس، أما بعد، فإنا كنا كتبنا بيننا وبين علي كتابا، وشرطنا فيه شروطا، وحكمنا رجلين يحكمان علينا وعليه بحكم الكتاب، لا يعدوانه، وجعلنا عهد الله وميثاقه على من نكث العهد، ولم يمض الحكم، وإن حكمي الذي كنت حكمته أثبتني، وإن حكمه خلعه، وقد أقبل إليكم ظالما، " ومن نكث فإنما ينكث على نفسه " تجهزوا للحرب، بأحسن الجهاز، وأعدوا آلة القتال، وأقبلوا خفافا وثقالا وكسالا ونشاطا، يسرنا الله وإياكم لصالح الأعمال.
فاجتمع إليه ناس من كل كورة، وأرادوا المسير إلى صفين، فاستشارهم فاختلفوا في ذلك، فمكثوا يجيلون الرأي يومين أو ثلاثة، حتى قدمت عليهم عيونهم، أن عليا عليه السلام اختلف عليه أصحابه، ففارقته منه فرقة أنكرت أمر الحكومة، وأنه قد رجع عنكم إليهم، فكبر الناس سرورا لانصرافه عنهم، وما ألقي من الخلاف بينهم.
فلم يزل معاوية معسكرا في مكانه، حتى جاء الخبر أن عليا عليه السلام، قد قتل أولئك الخوارج، وأنه أراد بعد قتلهم أن يقبل إليه بالناس، وأنهم استنظروه ودافعوه، فسر بذلك هو ومن قبله من الناس.
وعن عبد الرحمن بن مسعدة قال: جاءنا كتاب عمارة بن عقبة بن أبي معيط من الكوفة، ونحن معسكرون مع معاوية نتخوف أن يفرغ علي من خارجته، ثم يقبل إلينا، وكان في كتابه: أما بعد فإن عليا خرج عليه علية أصحابه ونساكهم، فخرج إليهم فقتلهم، وقد فسد عليه جنده وأهل مصره، ووقعت بينهم العداوة وتفرقوا أشد الفرقة، فأحببت إعلامك. والسلام.
قال فقرأه [معاوية] على أخيه وعلى أبي الأعور، ثم نظر إلى أخيه الوليد بن عقبة وقال: لقد رضي أخوك أن يكون لنا عينا. قال: فضحك الوليد وقال: