ثم قال ابن أبي الحديد: وروى الواقدي أن عليا عليه السلام استنفر بني تميم أياما، لينهض منهم إلى البصرة من يكفيه أمر ابن الحضرمي، ويرد عادية بني تميم الذين أجاروه بها، فلم يجبه أحد فخطبهم وقال:
ليس من العجب أن ينصرني الأزد ويخذلني مضر. وأعجب من ذلك تقاعد تميم الكوفة بي، وخلاف تميم البصرة علي، وأن استنجد بطائفة منهم ما يشخص إلي أحد منها فيدعوهم إلى الرشاد، فإن أجابت وإلا فالمنابذة والحرب.
فكأني أخاطب صما بكما لا يفقهون حوارا، ولا يجيبون نداءا، كل ذلك جنبا عن البأس وحبا للحياة.
[و] لقد كنا (1) مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما، ومضيا على اللقم، وصبرا على مضض الألم، وجدا في جهاد العدو.
ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا. فلما رأى الله صدقنا، أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقيا جرانه، ومتبوئا أوطانه. ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم، ما قام للدين عمود، ولا اخضر للإيمان عود. وأيم الله لتحتلبنها دما، ولتتبعنها ندما.
قال: فقام إليه أعين بن ضبيعة المجاشعي، فقال: أنا إن شاء الله أكفيك يا أمير المؤمنين هذا الخطب، فأتكفل لك بقتل ابن الحضرمي، أو إخراجه عن البصرة.
فأمره بالتهيؤ للشخوص، فشخص حتى قدم البصرة.
رجعنا إلى رواية الثقفي، قال إبراهيم: فلما قدمها دخل على زياد وهو