بالأهواز مقيم، فرحب به وأجلسه إلى جانبه، فأخبره بما قال له علي عليه السلام، وإنه ليكلمه إذ جاءه كتاب من علي فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين، علي إلى زياد بن عبيد: سلام عليك، أما بعد، فإني قد بعثت أعين بن ضبيعة ليفرق قومه عن ابن الحضرمي، فارقب ما يكون منه، فإن فعل وبلغ من ذلك ما يظن به، وكان في ذلك تفريق تلك الأوباش، فهو ما نحب، وإن ترامت الأمور بالقوم إلى الشقاق والعصيان، فانهد بمن أطاعك إلى من عصاك فجاهدهم، فإن ظفرت فهو ما ظننت، وإلا فطاولهم وماطلهم، فكأن كتائب المسلمين قد أظلت عليك، فقتل الله الظالمين المفسدين، ونصر المؤمنين المحقين والسلام. (1) فلما قرأه زياد، أقرأه أعين بن ضبيعة فقال له: إني لأرجو أن تكفي هذا الأمر إن شاء الله.
ثم خرج من عنده فأتى رحله، فجمع إليه رجالا من قومه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا قوم على ما ذا تقتلون أنفسكم، وتهريقون دماءكم على الباطل مع السفهاء والأشرار؟ وإني والله ما جئتكم حتى عبأت إليكم الجنود، فإن تنيبوا إلى الحق نقبل منكم، ونكف عنكم، وإن أبيتم فهو والله استيصالكم وبواركم.
فقالوا: بل نسمع ونطيع فقال: انهضوا اليوم على بركة الله، فنهض بهم على جماعة ابن الحضرمي، فخرجوا إليه فصافوه، وواقفهم عامة يومه يناشدهم الله ويقول: يا قوم لا تنكثوا بيعتكم، ولا تخالفوا إمامكم، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا، فقد رأيتم وجربتم كيف صنع الله بكم عند نكثكم بيعتكم وخلافكم. فكفوا عنه، وهم في ذلك يشتمونه.