إنسان، فبكت إليه النساء والصبيان، وتصايح الرجال وسألوا أن يشتريهم ويعتقهم، فابتاعهم بخمسمائة ألف درهم. فأرسل إليه أمير المؤمنين أبا حرة الحنفي ليأخذ منه المال، فأدى إليه مائتي ألف درهم وعجز عن الباقي فهرب إلى معاوية. فقيل له عليه السلام: أردد الأسارى في الرق. فقال: ليس ذلك في القضاء بحق، قد عتقوا إذ أعتقهم الذي اشتراهم، وصار مالي دينا عليه.
أقول: فعلى الرواية الأولى كانوا من المرتدين عن الإسلام ولا يجوز سبي ذراريهم عندنا وعند الجمهور أيضا، إلا أن أبا حنيفة قال بجواز استرقاق المرأة المرتدة إذا لحقت بدار الحرب.
وأيضا ما فيها من أنه قدم بالأسارى إلى علي عليه السلام، يخالف المشهور من اشتراء مصقلة عن عرض الطريق وقد قال بعض الأصحاب:
بجواز سبي البغاة، إلا أن الظاهر أنه مع إظهار الكفر والارتداد لا يبقى حكم البغي. والصحيح ما في الرواية الثانية من أن الأسارى كانت من النصارى.
[قوله:] " وخاس به ": أي: غدر وخاف. وخاس بالوعد: أي: أخلف.
" وقبحه الله ": أي: نحاه عن الخير. والسادة: جمع السيد ويطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومتحمل الأذى من قومه والرئيس والمقدم. قوله عليه السلام: " حتى أسكته " قيل: كلمة " حتى " تحتمل أن تكون بمعنى اللام، أي: أنه لم ينطق مادحه ليقصد إسكاته بهربه، فإن إسكاته لو قصد لا يتصور إلا بعد إنطاقه، وهو لم يتمم فعله الذي يطلب به إنطاق مادحه، فكيف يقصد إسكاته بهربه؟ ويحتمل أن يكون المراد أنه لسرعة اتباعه الفضيلة بالرذيلة، كأنه جمع بين غايتين متنافيتين.
والتبكيت: التقريع والتعنيف والتوبيخ واستقبال الرجل بما يكره.
والميسور: ما تيسر. وقيل هو مصدر على مفعول. وقيل: الغنى والسعة.
والوفور بالضم مصدر وفر المال، ككرم ووعد، أي: تم وزاد. وفي بعض النسخ: