يسعه ويحتمله، ولا يقع للناس في العمل بالحق ضيق.
وفي نهج: البلاغة: " فالحق أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف ": أي إذا أخذ الناس في وصف الحق وبيانه، كان لهم في ذلك مجال واسع، لسهولته على ألسنتهم. وإذا حضر التناصف بينهم فطلب منهم، ضاق عليهم المجال، لشدة العمل بالحق وصعوبة الإنصاف.
قوله عليه السلام: " صروف قضائه ": أي أنواعه المتغيرة المتوالية. وفي بعض النسخ: " ضروب قضائه " [وهو] بمعناه والحاصل إنه لو كان لأحد أن يجعل الحق على غيره ولم يجعل له على نفسه، لكان هو سبحانه أولى بذلك وعلى الأولوية بوجهين:
الأول: القدرة.
فإن غيره تعالى لو فعل ذلك لم يطعه أحد، والله تعالى قادر على جبرهم وقهرهم.
والثاني: إنه لو لم يجزهم على أعمالهم وكلفهم بها لكان عادلا، لأن له من النعم على العباد ما لو عبدوه أبد الدهر لم يوفوا حق نعمة واحدة منها.
فالمراد من أول الكلام: أنه سبحانه جعل لكل أحد على غيره حقا حتى على نفسه.
أما الحق المفروض على الناس فبمقتضى الاستحقاق، وأما ما أجرى على نفسه، فللوفاء بالوعد مع لزوم الوعد عليه.
فظهر جريان الحق على كل أحد وإن اختلف الجهة والاعتبار.
قوله عليه السلام: " وجعل كفارتهم عليه حسن ثواب ": لعل المراد بالكفارة الجزاء العظيم لستره عملهم، حيث لم يكن له في جنبه قدر، فكأنه قد محاه وستره.