بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٤ - الصفحة ١٨٧
نفسي لعلمكم فيما وليت به من أموركم، وعما قليل يجمعني وإياكم الموقف بين يديه، والسؤال عما كنا فيه، ثم يشهد بعضنا على بعض، فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون غدا، فإن الله عز وجل لا يخفى عليه خافية، ولا يجوز عنده إلا مناصحة الصدور في جميع الأمور.
فأجابه الرجل ويقال: لم ير الرجل بعد كلامه هذا لأمير المؤمنين عليه السلام فأجابه، وقد عال الذي في صدره فقال والبكاء يقطع منطقه، وغصص الشجى تكسر صوته إعظاما لخطر مرزئته ووحشته من كون فجيعته فحمد الله وأثنى عليه، ثم شكى إليه هول ما أشفى عليه من الخطر العظيم والذل الطويل في فساد زمانه وانقلاب حده وانقطاع ما كان من دولته، ثم نصب المسألة إلى الله عز وجل بالامتنان عليه والمدافعة عنه بالتفجع وحسن الثناء فقال:
يا رباني العباد ويا سكن البلاد! أين يقع قولنا من فضلك! وأين يبلغ وصفنا من فعلك! وأنى نبلغ حقيقة حسن ثنائك أو نحصي جميل بلائك! وكيف وبك جرت نعم الله علينا، وعلى يدك اتصلت أسباب الخير إلينا؟ ألم تكن لذل الذليل ملاذا وللعصاة الكفار إخوانا (1)؟ فبمن إلا بأهل بيتك وبك أخرجنا الله عز وجل من فظاعة تلك الخطرات، أو بمن فرج عنا غمرات الكربات! أو بمن إلا بكم أظهر الله معالم ديننا واستصلح ما كان فسد من دنيانا، حتى استبان بعد الجور ذكرنا، وقرت من رخاء العيش أعيننا لما وليتنا بالإحسان جهدك، ووفيت لنا بجميع عهدك، فكنت شاهد من غاب منا وخلف أهل البيت لنا، وكنت عز ضعائفنا وثمال فقرائنا وعماد عظمائنا، يجمعنا من الأمور عدلك، ويتسع لنا في الحق تأنيك، فكنت لنا أنسا إذا رأيناك، وسكنا إذا ذكرناك. فأي الخيرات لم تفعل! وأي الصالحات لم تعمل!
ولو أن الأمر الذي نخاف عليك منه يبلغ تحريكه جهدنا وتقوى

(1) أنظر شرحه في أواخر بيان المصنف الآتي في ص 710 من ط الكمباني في هذا.
(١٨٧)
مفاتيح البحث: الشهادة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 [الباب الحادي والثلاثون] باب سائر ما جرى من الفتن من غارات أصحاب معاوية على أعماله عليه السلام وتثاقل أصحابه عن نصره وفرار بعضهم عنه إلى معاوية وشكايته عليه السلام عنهم وبعض النوادر 7
2 [الباب الثاني والثلاثون] علة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع في زمانه 167
3 [الباب الثالث والثلاثون] باب نوادر ما وقع في أيام خلافته عليه السلام وجوامع خطبه ونوادرها 183
4 [الباب الرابع والثلاثون] باب فيه ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام الذين كانوا على الحق ولم يفارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وذكر بعض المخالفين والمنافقين زائدا على ما أوردنا [ه] في كتاب أحوال النبي صلى الله عليه وآله وكتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام. 271
5 [الباب الخامس والثلاثون] باب النوادر 327
6 [الباب السادس والثلاثون] باب آخر نادر في ذكر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من الأشعار المناسبة لهذا المجلد وقد مر بعضها في الأبواب السابقة 395