بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٤ - الصفحة ١٨٥
جهدهم، والتعاون على إقامة الحق بينهم.
وليس امرؤ - وإن عظمت في الحق منزلته وجسمت في الحق فضيلته - بمستغن عن أن يعاون على ما حمله الله عز وجل من حقه، ولا امرئ مع ذلك خسأت به الأمور واقتحمته العيون بدون ما أن يعين على ذلك ويعان عليه، وأهل الفضيلة في الحال وأهل النعم العظام أكثر من ذلك حاجة، وكل في الحاجة إلى الله عز وجل شرع سواء.
فأجابه رجل من عسكره لا يدرى من هو، ويقال: إنه لم ير في عسكره قبل ذلك اليوم ولا بعده، فقام وأحسن الثناء على الله عز وجل بما أبلاهم وأعطاهم من واجب حقه عليهم، والإقرار [له] بما ذكر من تصرف الحالات به وبهم.
ثم قال: أنت أميرنا ونحن رعيتك، بك أخرجنا الله عز وجل من الذل، وبإعزازك أطلق عباده من الغل (1)، فاختر علينا فأمض اختيارك، وائتمر فأمض ائتمارك، فإنك القائد المصدق، والحاكم الموفق، والملك المخول، لا نستحل في شئ معصيتك، ولا نقيس علما بعلمك، يعظم عندنا في ذلك خطرك، ويجل عنه في أنفسنا فضلك.
فأجابه أمير المؤمنين [عليه السلام فقال:] إن من حق من عظم جلال الله في نفسه، وجل موضعه من قلبه، أن يصغر عنده - لعظم ذلك - كل ما سواه، وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت نعم الله عليه ولطف إحسانه إليه، فإنه لم تعظم نعم الله على أحد إلا زاد حق الله عليه عظما.
وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر. وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب

(1) كذا في متن الأصل، وذكر في هامشه أن في بعض نسخ الكافي: وباعزازك أطلق عنا رهائن الغل.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 [الباب الحادي والثلاثون] باب سائر ما جرى من الفتن من غارات أصحاب معاوية على أعماله عليه السلام وتثاقل أصحابه عن نصره وفرار بعضهم عنه إلى معاوية وشكايته عليه السلام عنهم وبعض النوادر 7
2 [الباب الثاني والثلاثون] علة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع في زمانه 167
3 [الباب الثالث والثلاثون] باب نوادر ما وقع في أيام خلافته عليه السلام وجوامع خطبه ونوادرها 183
4 [الباب الرابع والثلاثون] باب فيه ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام الذين كانوا على الحق ولم يفارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وذكر بعض المخالفين والمنافقين زائدا على ما أوردنا [ه] في كتاب أحوال النبي صلى الله عليه وآله وكتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام. 271
5 [الباب الخامس والثلاثون] باب النوادر 327
6 [الباب السادس والثلاثون] باب آخر نادر في ذكر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من الأشعار المناسبة لهذا المجلد وقد مر بعضها في الأبواب السابقة 395