بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٤ - الصفحة ١٨٤
عليه لكان ذلك لله عز وجل خالصا دون خلقه، لقدرته على عباده، ولعدله في كل ما جرت عليه ضروب [صروف " خ "] قضائه، ولكن جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل كفارتهم عليه بحسن الثواب تفضلا منه [وتطولا بكرمه] وتوسعا بما هو من المزيد له أهلا.
ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافى في وجوهها، ويوجب بعضها بعضا، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض.
فأعظم مما افترض الله تبارك وتعالى من تلك الحقوق، حق لوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي، فريضة فرضها الله عز وجل لكل على كل، فجعلها نظام ألفتهم، وعزا لدينهم، وقواما لسير الحق فيهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية.
فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدى إليها الوالي كذلك، عز الحق بينهم، فقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على أذلالها السنن، وصلح بذلك الزمان وطاب بها العيش، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء.
وإذا غلبت الرعية على واليهم، وعلا الوالي الرعية اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت مطالع الجور، وكثر الإدغال في الدين، وتركت معالم السنن، فعمل بالهوى، وعطلت الآثار وأكثر علل النفوس، ولا يستوحش لجسيم حد عطل، ولا لعظيم باطل أثل، فهنالك تذل الأبرار وتعز الأشرار وتخرب البلاد وتعظم تبعات الله عز وجل عند العباد.
فهلم أيها الناس! إلى التعاون على طاعة الله عز وجل، والقيام بعدله والوفاء بعهده، والإنصاف له في جميع حقه، فإنه ليس العباد إلى شئ أحوج منهم إلى التناصح في ذلك وحسن التعاون عليه، وليس أحد وإن اشتدت على رضاء الله حرصه وطال في العمل اجتهاده، ببالغ حقيقة ما أعطى الله من الحق أهله، ولكن من واجب حقوق الله عز وجل على العباد النصيحة له بمبلغ
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 [الباب الحادي والثلاثون] باب سائر ما جرى من الفتن من غارات أصحاب معاوية على أعماله عليه السلام وتثاقل أصحابه عن نصره وفرار بعضهم عنه إلى معاوية وشكايته عليه السلام عنهم وبعض النوادر 7
2 [الباب الثاني والثلاثون] علة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع في زمانه 167
3 [الباب الثالث والثلاثون] باب نوادر ما وقع في أيام خلافته عليه السلام وجوامع خطبه ونوادرها 183
4 [الباب الرابع والثلاثون] باب فيه ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام الذين كانوا على الحق ولم يفارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وذكر بعض المخالفين والمنافقين زائدا على ما أوردنا [ه] في كتاب أحوال النبي صلى الله عليه وآله وكتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام. 271
5 [الباب الخامس والثلاثون] باب النوادر 327
6 [الباب السادس والثلاثون] باب آخر نادر في ذكر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من الأشعار المناسبة لهذا المجلد وقد مر بعضها في الأبواب السابقة 395