وكأنه حمل الرمية على السهام المرمية.
قوله عليه السلام " فإنا صنائع ربنا " هذا كلام مشتمل على أسرار عجيبة من غرائب شأنهم التي تعجز عنها العقول ولنتكلم على ما يمكننا إظهاره والخوض فيه فنقول:
صنيعة الملك من يصطنعه ويرفع قدره ومنه قوله تعالى: * (واصطنعتك لنفسي) * أي اخترتك وأخذتك صنيعتي لتنصرف عن إرادتي ومحبتي فالمعنى أنه ليس لأحد من البشر علينا نعمة بل الله تعالى أنعم علينا فليس بيننا وبينه واسطة والناس بأسرهم صنائعنا فنحن الوسائط بينهم وبين الله سبحانه.
ويحتمل أن يريد بالناس بعض الناس أي المختار من الناس نصطنعه ونرفع قدره.
وقال ابن أبي الحديد: هذا مقام جليل ظاهره ما سمعت وباطنه أنهم عبيد الله والناس عبيدهم.
وقال ابن ميثم: لفظ الصنائع في الموضعين مجاز من قبيل إطلاق اسم المقبول على القابل والحال على المحل يقال: فلان صنيعة فلان إذا اختصه لموضع نعمته، والنعمة الجزيلة التي اختصهم الله بها هي نعمة الرسالة وما يستلزمه من الشرف والفضل حتى كأن الناس عيالاتهم فيها.
قوله عليه السلام: " وعادي طولنا " قال الجوهري: " عاد " قبيلة وهم قوم هود عليه السلام وشئ عادي أي قديم كأنه منسوب إلى عاد.
وقال ابن أبي الحديد: الطول: الفضل. وقال: الافعال الجميلة كما تكون عادية بطول المدة تكون عادية بكثرة المناقب والماثر والمفاخر وإن كانت المدة قصيرة ولا يراد بالقديم قديم الزمان بل من قولهم لفلان قديم أثر أي سابقة حسنة. وإنما جعلنا اللفظ مجازا لان بني هاشم وبني أمية لم يفترقا في الشرف إلا منذ نشأ هاشم بن عبد مناف ثم لم تكن المدة بين نشأ هاشم وإظهار محمد صلى الله عليه وآله الدعوة إلا نحو تسعين سنة انتهى.