فأجابه أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين انهض [بنا] إلى القوم إذا شئت فوالله ما نبغي بك بدلا نموت معك ونحيا معك فقال لهم مجيبا لهم:
والذي نفسي بيده لنظر إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أضرب قدامه بسيفي فقال: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي " ثم قال لي: يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي وحياتك يا علي وموتك معي " فوالله ما كذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي ولا نسيت ما عهد إلي إني إذا لنسئ وإني لعلى بينة من ربي بينها لنبيه صلى الله عليه وآله فبينها لي وإني لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطا.
ثم نهض إلى القوم يوم الخميس فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتى غاب الشفق ما كانت صلاة القوم يومئذ إلا تكبيرا عند مواقيت الصلاة فقتل علي عليه السلام يومئذ بيده خمس مائة وستة نفر من جماعة القوم فأصبح أهل الشام ينادون يا علي اتق الله في البقية ورفعوا المصاحف على أطراف القنا.
بيان: وموتك معي أي بعد الموت معي وأنا حاضر عندك ونصري وتأييدي معك في حياتك وبعد موتك أو حياتك كحياتي وموتك كموتي.
[قوله (عليه السلام)] " الفظه لفظا " أي أقول هذا الكلام جهرا ولا أبايى أن أبينه للناس. وقال الجوهري: القنا جمع قناة وهي الرمح ويجمع على قنوات. وقني على فعول وقناء.
483 - تفسير علي بن إبراهيم: هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال: حدثني رجل من ولد عدي بن حاتم عن أبيه عن جده عدي بن حاتم وكان مع علي صلوات الله عليه في حروبه أن عليا عليه السلام قال ليلة الهرير بصفين حين التقى مع معاوية رافعا صوته يسمع أصحابه: لأقتلن معاوية وأصحابه ثم قال في آخر قوله: " إنشاء الله " يخفض به صوته وكنت منه قريبا فقلت: يا أمير المؤمنين إنك حلفت على ما قلت ثم استثنيت فما أردت بذلك؟ فقال: إن الحرب خدعة وأنا عند أصحابي صدوق فأردت أن أطمع أصحابي في قولي كي لا يفشلوا ولا يفروا فافهم فإنك تنتفع بها بعد إنشاء الله تعالى.