وهذا الجواب يتضمن الكلام على قولهم: إن بشارته بالنار مع الإضافة إلى قتل الزبير يدل على أنه إنما استحق النار بقتله لأنا قد بينا في الجواب أنه من حيث قتله غدرا استحق النار.
وقد قيل في هذا الخبر أن ابن جرموز كأن من جملة الخوارج الخارجين على أمير المؤمنين (عليه السلام) في النهروان وأن النبي صلى الله عليه وآله قد كان أخبره بحالهم ودله على جماعة منهم بأعيانهم وأوصافهم فلما جاءه برأس الزبير أشفق أمير المؤمنين من أن يظن به لعظيم ما فعله الخير ويقطع له على سلامة العاقبة ويكون قتله الزبير شبهة فيما يصير إليه من الخارجية قطع عليه بالنار لتزول الشبهة في أمره وليعلم أن هذا الفعل الذي فعله لا يساوي شيئا مع ما يرتكبه في المستقبل.
وجرى ذلك مجرى شهادة النبي صلى الله عليه وآله على رجل من الأنصار يقال له: قزمان أبلى في يوم " أحد " بلاءا شديدا وقتل بيده جماعة [فبشره النبي صلى الله عليه وآله] بالنار (1) فعجب من ذلك السامعون حتى كشفوا عن أمره فوجدوا أنه لما حمل جريحا إلى منزله ووجد ألم الجراح قتل نفسه بمشقص.
وإنما شهد النبي صلى الله عليه وآله بالنار عليه عقيب بلائه للوجه الذي ذكرناه.
والذي يدل على أن بشارته بالنار لم تكن لكون الزبير تائبا مقلعا بل لبعض ما ذكرناه هو أنه لو كان الامر كما أدعوه لأقاده أمير المؤمنين (عليه السلام) به ولما طل دمه وفي عدوله (عليه السلام) من ذلك دلالة على ما ذكرناه.