فأما طلحة فقد بينا أنه تضيق إقامة العذر له لأنه قتل في المعركة في حال التوبة فيها بعيدة وظاهر الحال الاصرار.
وليس لاحد أن يقول: إنه روي عنه أنه قال بعدما أصابه السهم:
ندمت ندامة الكسعي لما * رأيت عيناه ما صنعت يداه لان هذا بعيد من الصواب والبيت المروي بأن يدل على خلاف التوبة أولى لأنه جعل ندامته مثل ندامة الكسعي وخبر الكسعي معروف لأنه ندم بحيث لا ينفعه الندم وحيث فاته الامر وخرج عن يده ولو كان ندم طلحة واقعا على وجه التوبة الصحيحة لم يكن مثل ندامة الكسعي بل كان شبيها لندامة من تلافى ما فرط فيه على وجه ينتفع به.
وروى حسين الأشقر عن يوسف البزاز عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مر أمير المؤمنين بطلحة وهو صريع فقال: اقعدوه. فأقعد [وه] فقال: لقد كانت لك سابقة لكن دخل الشيطان في منخريك فأدخلك النار.
ثم روى عن معاوية بن هشام عن صباح المزني عن الحارث بن حصيرة عن إبراهيم مولى قريش أن عليا (عليه السلام) مر بطلحة قتيلا يوم الجمل.
وساق الحديث في التكلم معه ومع كعب بن سور مثل ما مر.
ثم قال رحمه الله - بعد إيراد أسئلة وأجوبة تركناها حذرا من الاطناب -:
فإن قيل قول النبي صلى الله عليه وآله: " عشرة من أصحابي في الجنة " يدل على أنهما تابا لأنهما من جملتهم بلا شك.
قيل لهم: قد بينا فيما تقدم الكلام على بطلان هذا الخبر حيث تعلقوا به في فضائل أبي بكر وقلنا: إنه لا يجوز أن يعلم الله مكلفا ليس بمعصوم من الذنوب بأن عاقبته الجنة لان ذلك يغريه بالقبيح وليس يمكن أحدا ادعاء عصمة التسعة ولو لم يكن إلا ما وقع من طلحة والزبير من الكبيرة لكفى.